أطلق عدد من الأحزاب الدينية المتشددة والجماعة الإسلامية في مصر مبادرات لمقاطعة المسلسلات المقرر عرضها في شهر رمضان، وعدم مشاهدتها، بحجة أن مشاهدة تلك الأعمال "حرام شرعا"، لما تحتويه من مشاهد " رقص"، و"عُري"، و" حب"، وهو ما يتعارض مع حرمة الشهر الكريم، الأمر الذي أصاب أوساط الفنانين بقلق كبير.
من جهتهم استنكر عدد من الفنانين المصريين إطلاق تلك الدعوات، مؤكدين في حديثهم خطورة مثل هذه الدعوات على الفن، والفكر، والإبداع، حيث إن الترويج بأن الفن حرام أمر خطير، وينذر بكارثة ثقافية وفنية في مصر خلال الفترة المقبلة. وطالب الفنانون بتدخل الجهات المسؤولة في الدولة والأزهر الشريف باعتباره المرجعية الدينية في مصر، ودار الإفتاء للتصدي لأي فتوى دينية غير معتمدة، وعدم ترك الأمر لجماعات دينية تصدر فتاوى حسبما تريد، مما قد يضر بالمجتمع المصري ككل وليس بالفن فقط.
وكان رئيس حزب "الأصالة" الديني عادل عفيفي، قد أطلق مبادرة شعبية لمقاطعة المسلسلات الرمضانية هذا العام، مطالباً المصريين بالامتناع عن مشاهدتها، مستندا لفتوى من نائب رئيس الدعوة الإسلامية الدكتور ياسر برهامي، وفتوى مماثلة صادرة عن عضو شورى الجماعة الإسلامية عاصم عبد الماجد، بأن مسلسلات شهر رمضان كلها "حرام شرعاً" وأن مشاهدتها إثم كبير.
من جهته أكد الشيخ ياسر برهامي في تصريح خاص إلى "الوطن"، أن مسلسلات شهر رمضان بها مشاهد "عري ورقص وحب"، مستنكراً الكمّ الكبير من المسلسلات المقرر عرضها في رمضان، رغم أنه شهر يحرص فيه المسلم على العبادة، مشيراً إلى أن الأعمال الدرامية في رمضان تعبر عن عقلية النظام السابق، إلا أن وعي الشعب المصري سيجبر التلفزيون والإعلام على مواكبة العصر المقبل، والتحول نحو احترام عقلية المشاهد.
وفي سياق متصل، عبر وكيل نقابة الفنانين المصريين، الفنان سامح الصريطي عن دهشته من تلك الدعوات، وقال في تصريح إلى "الوطن"، إن "فتاوى مقاطعة المسلسلات لن تثني الفنانين عن استكمال مسيرتهم، مشيراً إلى أن الأزهر الشريف ودار الإفتاء، هما الجهتان المسؤولتان عن إصدار الفتاوى وليس بعض الجماعات، مؤكدا أن النقابة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تلك التصريحات.
واعتبر الصريطي أن ما يحدث حالياً من قبل بعض الجماعات المتشددة أمر خطير، يستلزم التصدي له بقوة وخاصة من قبل المسؤولين في الدولة لقطع الطريق على كل من يريد إثارة الفتن في المجتمع.
من جهته اعتبر الفنان عزت العلايلي أن الترويج بأن الفن حرام لا يهين الفنانين فقط، وإنما يمتد الأمر إلى التطاول على تاريخ مصر، مشيراً إلى أن الفن هو عصب أي أمة، وهو العمود الرابع الذي تستند عليه حضارة أي دولة. وقلل العلايلي من تأثير تلك الدعوات بمقاطعة الفن، مشيراً إلى أن ثورة "25 يناير" قامت من أجل الحرية والعدالة، وما يحدث من قبل بعض الجماعات الإسلامية المتشددة يضرب الحرية في مقتل. وأيدته في الرأي الفنانة فردوس عبد الحميد، وقالت إنها كانت تتوقع حدوث مثل هذا الأمر، خاصة بعد التصريحات التي أطلقها بعض المسؤولين عن الجماعات الإسلامية فور اندلاع الثورة، إلا أنه لم يكن من المتوقع أن يتطور الأمر إلى إصدار فتاوى تحرم الفن وتطالب بمقاطعة الأعمال الفنية. فيما اعتبر الفنان محمود ياسين أن الحديث عن أن الفن حرام، يعيد مصر إلى العصور الوسطى، مشيراً إلى أن الفن والثقافة هما معيار تحضر الشعوب، محذراً من التطاول على الفن، لأن ذلك سيضر مصر كثيراً.