دأبنا في حفلات تكريم المبرزين أن نسلط الضوء على "الشخص" ولا نكاد نذكر "المبدع" إلا "على الطاير"!
ولم يأتِ تكريم الفنان القدير/ "علي المدفع"، في ملتقى الشمال المسرحي الأول للكوميديا استثناءً؛ حيث قدمه الفنان والسينارست/ "سعد المدهش" بأنه مثقف موسوعي يدهشك بسعة اطلاعه، وأنه رجل كريم بكل ما تعنيه هذه الكلمة، وأنه طيب جداً "في زمان فيه طيبة القلب بتتعيب"، كما تقول الزميلة/ "أنغام" بأم عينيها، وبدون وصاية والدها!
هذه الصفات النبيلة التي عدها "المدهش" عيوباً لـ"أبي طارق" ـ فما بالك بالمزايا ـ لا تهم إلا معجبة "طايحة في دباديبه" تتحرق للزواج به ولو "مصواراً"، من تصوير، أو "مكساراً" من المزج الأثيري!
ما يهمنا هو: لماذا استحق "الفنان المبدع" هذا التكريم؟ ألأنه قدم كركتراً لا يستطيع محاكاته فنان آخر للرجل السعودي الأصيل الذي نحتت ملامحه من تضاريس "نجد العذية"، الصارمة القاسية حتى في الأفراح؟ هنا يأتي دور "الشخص" الواسع الاطلاع؛ حيث رفد "الفنان" بمهارات الأداء والتأثير فأتقنها حتى بدت عفوية وكأنه لم يتعب في الاستعداد لها؛ فصرت تشاهد صورته "السمعية" في الإذاعة، كما تسمع لغته الجسدية في المسرح، كما تلمس تعابير وجهه في التلفزيون: ممثلاً لا يمثل، تلك الصفة التي يصعب أن تطلقها إلا على الفنان "صالح الزير" محلياً، والعبقري "أحمد زكي" عربياً!!
أم تراه استحق التكريم لالتزامه المعروف بمواعيده وانضباطه المهني في تنفيذ رؤية المخرج ولو كان مبتدئاً، وذلك نادر جداً في عالم الفن العربي؟ وهنا تأتي أهمية الطيبة الشخصية بما تنضح به من تواضع واحترام!
أما الكرم فقد رفدنا نحن المشاهدين بأعظم نعمة، إذ منع الفنان من خوض تجربة الإنتاج! تخيل لو أن "علي المدفع" أصبح صاحب مؤسسة "مدفعكو" للإنتاج التلفزيوني وحصل على تعميد سنوي "مؤبد" بملايين الريالات لإنتاج مسلسلة "ثار ما ثار" أو "دردم بردم"؟ من يوجه السيناريو "ملمّعاً" على هواه؟ ومن يتحكم في الإخراج والتصوير والمونتاج؟ ومن يحتكر دور البطولة المطلقة في كل حلقة سواء كان كركتره "توم كروز" أو "مارلين مونرو"؟ وسواء كان "اللوكيشن" "خريطم" أو "ماربيا"؟ وسواء كان الحدث انطلاقة "فيليكس" أو سقوط بعير في "أم رقيبة"؟