عام مضى، بين رمضان ورمضان، شهد الكثير من المتغيرات والتطورات على الصعيدين المحلي والدولي، كان أكثرها فرحا تعافي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من العملية الجراحية التي أجراها في فقرات الظهر واستعادته عافيته بعد البرنامج العلاجي الذي خضع له.
فيما احتل الحزن مساحة من المشهد بعد أن ودع السعوديون بين رمضانين، رمزين من رموزهم هما وليا العهد الراحلان صاحبا السمو الملكي الأميران سلطان بن عبدالعزيز ونايف بن عبدالعزيز، في وقت فرضت فيه هاتان الحالتان عددا من التعيينات الحكومية كان من أهمها تعيين الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزيرا للدفاع خلفا للأمير سلطان، قبل أن يتم اختياره وليا للعهد بعد رحيل الأمير نايف.
المشهد العام السعودي كان على موعد مع المزيد من الإصلاحات التي حرص الملك عبدالله بن عبدالعزيز على إدخالها في جسد الحكومة، ولعل من أهمها استقلالية الدفاع عن الطيران، وإعادة تشكيل هيئة الطيران المدني وفق تنظيم يعزز من استقلاليتها، في وقت حرص الملك على إجراء العديد من التعديلات في جسد التعليم العالي وإعفائه اثنين من مديري الجامعات الحكومية، وإعفائه مدير عام السكك الحديدية في أعقاب الحادثة التي أسفرت عن إصابة 44 من ركاب قطار الرياض الدمام.
الاهتمام بالمرأة ومساعي تمكينها، لم تغب عن أجندة القيادة السياسية، لتأتي المفاجأة التي أطلقها خادم الحرمين في آخر خطاب ملكي له أمام مجلس الشورى، حينما أعلن عن دخول المرأة إلى العمل البرلماني والتشريعي كعضو كامل العضوية في الدورة المقبلة، وإتاحة الفرصة أمامها للمشاركة في التنافس على الانتخابات البلدية كناخبة ومرشحة.
وسجل الاهتمام بالحرمين الشريفين، مكانا بارزا في أجندة العام، وذلك بعد أن تم الإعلان عن المشروع الخاص بتوسعة المطاف في الحرم المكي.
وعلى الرغم من الحراك الإصلاحي الكبير في الداخل الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين، إلا أن ذلك لم يشغل المملكة وقادتها عن قضايا وأزمات المنطقة، حيث لعبت الرياض دورا محوريا وهاما في إطفاء نار الأزمة اليمنية، وسعت منذ البدايات إلى حل الأزمة السورية وفقا للتطلعات التي ينشدها الشعب السوري.
وتعتبر المملكة الدولة الأولى التي حاولت ومنذ البدايات تجنيب سورية الأسوأ، وتجسد ذلك في الخطاب الذي وجهه الملك عبدالله بن عبدالعزيز في السابع من رمضان الماضي إلى سورية العروبة والإسلام، الذي عكس مدى حرص المملكة على احتواء الأزمة بعد أن وصلت أعداد الشهداء إلى أرقام لا يمكن القبول بها، ومطالبة الملك للقيادة السورية بتصديها لدورها التاريخي والقيام بإصلاحات شاملة سريعة، وتنبيهه للأسد بأن مستقبل بلاده يقع بين خيارين لا ثالث لهما، فإما الحكمة أو الانجراف إلى أعماق الفوضى والضياع.