يبدأ المبتعثون مع اقتراب شهر رمضان المبارك الاستعداد لبداية نمط حياة يختلف بشكل كلي عما ألفوه سابقاً، لاسيما من يقضي منهم الشهر لأول مرة خارج المملكة.

تحكي المبتعثة حنان الهندي عن تجربتها، وتقول "قضيت بأميركا شهر رمضان للمرة الأولى بين طلاب مرحلة اللغة من مختلف الجنسيات".

وتشير الهندي إلى أن المدرسين والقائمين على المعهد كانوا متفهمين لطبيعة حياة المسلمين في رمضان، كما كان لديهم خلفية عن الشهر الفضيل، ومكانته لدى المسلمين، وطقوسهم خلاله، لذا كانوا يراعون مشاعر الطلاب فيقضون فترة الغداء في غرفهم الخاصة، ونادراً ما يأكلون، أو يشربون في الصف أمام الطلاب المسلمين.

وحول تعامل الطلاب من الجنسيات الأخرى، تقول إنهم أخذوا فكرة عن شهر رمضان بحكم أن المدرسين كانوا يناقشون الطلبة حول العبادة في الشهر الكريم، وعاداتهم في عيد الفطر، وكانت ردود فعلهم متفاوتة ومختلفة، فمنهم من حذا حذو المدرسين، ومنهم من زاول يومه بشكل عادي.

وعن تجربة قضاء الشهر في الغربة، تقول الهندي بأنها تنقسم إلى قسمين، أولها الصيام مع الدراسة، وهو ما كان يخالطه بعض التعب، حيث تصل فترة الصيام تقريباً إلى 18 ساعة، يقضي الطلاب نصفها على مقاعد الدراسة، إما في المعهد، أو في قضاء الواجبات المنزلية، علاوة على المهام الأخرى كالمذاكرة، وتجهيز طعام الإفطار الذي يستنزف جهد الشخص.

وتضيف أن نادي الطلاب السعوديين يعقد اجتماعاً أسبوعياً للإفطار، وإلقاء المحاضرات، بالإضافة إلى أن مجموعات ما بين خمس إلى عشر عائلات سعودية تنظم دوريات يومية فيما بينها، وهو ما ساهم في تعزيز الأجواء الرمضانية، وتعويض المغتربين، ولو بشكل بسيط عن افتقاد عوائلهم.

الطالب بجامعة ولاية الينوي عبدالله الأحمدي يقول "من تعود الصيام في بلد كالسعودية ترتبط فيه قدسية المكان مع قدسية الزمان يشعر بالنقص في المشاعر الروحانية أثناء الصوم في بلاد الغربة".

ويشير إلى أن أبرز ما يفتقده السعوديون هو صوت الآذان وهو يصدح من المآذن، وسماع القرآن في الأحياء فترة التراويح، ورؤية الأطفال والشباب وهم يوزعون الماء والتمر بابتسامة عند إشارات المرور، ولهفة الصائمين، وتسابقهم لمنازلهم قبل صلاة المغرب.

ويوضح الأحمدي أن "بعض المدرسين يتفهمون الصوم، ولا يضغطون على الطالب بالطلبات الكثيرة، والبعض الآخر من المدرسين يذكرنا بأننا نحن المسلمين نصوم لكي نقوى لا لكي نضعف، فيجب أن نكون بتلك القوة في الصوم كما هو في الإفطار، ويقولون إن الصوم لو كان فيه سوء للطالب لما شرعه الله في الدين الإسلامي، لهذا يتعاملون مع الطلاب في أيام الصيام كما هو في أيام الفطر".

وحول زملاء الدراسة من الديانات المختلفة قال إن "البعض يقدر مشاعر المسلمين أثناء الصيام فيشعرون بالحرج أثناء الأكل والشرب أمامهم، والبعض الآخر لا يهتم، في حين يصطنع البعض الآخر المواقف المضحكة بإثارة شهية الطالب للطعام والشرب بأن يأكل ويتلذذ أمام الطالب ممازحاً". ويرى الأحمدي أن الصيام في بلاد الغربة وبالذات في الدول الغربية أمر مرهق، نظراً لطول فترة النهار، وشدة الحر، إلا أنه يحاول كثيراً زيارة أحياء المسلمين بحثاً عن الروحانية وللإفطار فيها، إلا أن بعد المسافة كثيراً ما يقف حائلاً أمام ذلك.

وقال الطالب بولاية فلوريدا بأميركا عزان حمد آل خريم "شهر رمضان الكريم في بلاد الغربة فيه نوع من الصعوبة، مشيراً إلى أن الطلاب يعدون كل يوم إفطارا جماعيا بمساجد الولاية، فيما يشارك البعض بتفطير الصائمين احتساباً للأجر.

وقال رئيس النادي السعودي بكالجاري بكندا نواف بخاري "نواجه نحن المبتعثين في مدينة كالجاري فترات طويلة من الصيام تصل ما بين 16 و 17 ساعة صيام، وأكثر الأشياء التي يفتقدها الطلاب هنا عدم سماعنا لصوت الأذان في الصلوات كافة، وذلك لقلة المساجد وتباعدها في المدينة".