تعليقاً على اقتراحنا "حجب كأس العالم 2010"، أرسل أستاذنا/ "محمد الدويِّش" يقول: "كنت سأوافقك لو أن السيد "بلاتر" يفكر بعقلية فنان مثل "مارادونا"، لابعقلية تاجر مثل "بيليه"!

مشيراً إلى أن سبب تدهور المستوى العالمي لكرة القدم هو: اهتمام "الفيفا" بالمكاسب المادية على حساب القيم الفنية، والتمتع والإمتاع بهذه اللعبة المثيرة! ويرمز للبون الشاسع بين الغايتين بالزميلين العزيزين/ "بيليه"، الذي استثمر موهبته الفارقة؛ ليصبح مليارديراً: توقيعه في أشهر بنوك العالم، "كالبصل" في أشهر طبخات العالم! بينما ظل "مارادونا"، الذي لا يقل عنه موهبةً ـ إن لم يتفوق عليه ـ "يهايط" بالمثل العربي الشعبي الشهير: "اصرف مافي الجيب، يأتك ما في الغيب"! وإن حذفت نقطة "الغين" فلن تظلمه! ولم يكن ما في جيبه "ملاليم"، بل "ملايين مُمَلْيَنَة"!

ولئن أصبح "بيليه" ينظر لكرة القدم بعيني "ماستر كارد" الجاحظتين ـ وأخيراً وجدنا مثالاً يجسد قولنا: "اليُسْنى"، و"اليُمْرَى"! ـ فمازال "مارادونا" ينظر للدنيا كلها بعينين غير جاحظتين، لكنهما كرتا قدم صغيرتان مدهشتان، حتى وهو يتميلح في منطقة المدربين، أو وهو يرد على من رأى إراحة "ميسي" في المباراة الثالثة؛ إذ ضمن التأهل للدور التالي قائلاً: كيف أحرم العالم من الاستمتاع بموهبة "ميسي"؟!

والمقارنة التقليدية بين النجمين الكبيرين لا تعكس التنافس التقليدي بين البلدين العريقين : "البرازيل"، و"الأرجنتين" وحسب، بل تعكس "التناقش" التاريخي بين "الجماهير" و"النخبة"، والسؤال الحاضر دائماً: أيهما يصنع الفن؟ وقد تجسد ذلك في حفل "الفيفا" لاختيار "لاعب القرن"؛ حيث صوتت "الجماهير" للزميل/ "مارادونا"؛ متغاضيةً عن جلسات "المعسِّل" الخاصة! بينما صوتت "النخبة"، المتمثلة في خبراء دوليين، من صحفيين، ونقاد، ومدربين، ولاعبين سابقين، للزميل/ "بيليه"؛ لأنه لا يجوز أن يحمل هذا الشرف "داشر"، في نظرها!

ولم يطق "مارادونا" ذلك، بعد "مهايطه" بشكر الجماهير "البروليتاريا"، وحبيبه المهايط الأكبر/ "فيدل كاسترو"! وخرج غير عابئ بأبسط أنواع المجاملة لـ"بيليه"، و"النخبة" الحاضرة! ما أثار سخرية "بيليه"، الذي لم يتورع عن غمزه بتضييع الأموال في "الدشرة"، في تصريحه: بأن "مارادونا" لم يستلم تدريب منتخب بلاده إلا بحثاً عن المال!

وهنا يدخل بينهما نجم "أوروبي"، لا يقل عنهما موهبة ـ إن لم يتفوق بالسرعة والشخصية القيادية ـ هو: الهولندي" يوهان كرويف"! فرغم أنه "مليونير" ناجح، إلا أنه انتقد تقديم "الفيفا" الربح المادي على الفن، والمتعة! ورغم أنه ذو جماهيرية عريضة، إلا أنه اعتزل اللعب قبيل مونديال 1978م؛ احتجاجاً على إقامتها في "الأرجنيتن"، التي كانت تئن تحت حكم عسكري ديكتاتوري آنذاك؛ ضارباً نموذجاً فريداً، يقدِّم "النجومية": موقفاً بين "مهايط" الجماهير، و"نفاق" النخبة!