حين بدأ مشروع بناء القنبلة النووية، كانت المعلومات الأولية تقول؛ إن شعاعا من النترون يسلط على نواة ذرة اليورانيوم 235 يجعلها تدخل في حالة رعدة من التفكك، وإطلاق نترونات جديدة تساهم في خلخلة المزيد من الذرات وتطايرها، ومعها إطلاق الطاقة المحتبسة التي تمسك الذرة أن تزول، ولم يكن الطريق معبدا عمليا لبناء هذا السلاح المهول، بل لا بد من تعبيده، وعلى هذا اجتمع شيطانان من الإنس؛ الأول عسكري اسمه ليزلي جروفز مهمته الإشراف العسكري على المشروع وتطويره، والثاني الرأس العلمي وهو روبرت أوبنهايمر ومهمته جمع الأدمغة (صفار البيض كما سموهم) وابتكار الطرق النظرية ثم التطبيق العملي لهذا المشروع.
في الأصل تتمتع ذرة اليورانيوم وهي ملكة العناصر بتماسك داخلي من 92 بروتون و146 نترونا فيكون وزنها الذري 238، ولأن البروتونات موجبة الشحنة الكهربية فهي متنافرة يجب ضمها بقوة خرافية، وملاط هذا المادة الماسكة هي النترونات، وهي جزيئات الذرة متعادلة الشحنة بتزاوج البروتون الموجب مع الإلكترون السالب، مما خلق النترون متعادل الشحنة، وهكذا فذرة اليورانيوم 238 ثقيلة جدا ويحتاج تماسكها الداخلي إلى طاقة كبيرة، وهذا هو سر الانشطار الذري، بل لقد عرف أن ذرات اليورانيوم نوعان؛ ماهو من وزن ذري 238 وآخر من وزن 235 والثاني هو الحساس الذي ينشطر، ومقداره هو سبع ذرات بين كل ألف ذرة من مادة اليورانيوم 238 الخام.
انشطر العلماء في مكان تجمعهم في لوس آلاموس إلى ثلاث آراء وفرق، وهذه أيضا تحتاج إلى قصة خاصة، وهو كيف يمكن تعيين مكان اختبار السلاح الجديد؟ وأخيرا وقع الخيار على مكانين الأول في تكساس في آلاموجوردو والثاني في أواك ريدج في مدينة تينسي الهادئة.
في الأول تتم صناعة السلاح بواسطة قلب اليورانيوم من 238 إلى 239 بلوتونيوم، حيث تتقلب الذرة من جديد وتنشطر، ولكن هذا يحتاج إلى فرن صناعة، وهو ما نجح فيه انريكو فيرمي بصناعة أفران الطاقة الجديدة، وقلب اليورانيوم إلى بولوتونيوم، وأهمية هذه الخطوة في صناعة عدد غير محدود من القنابل الذرية.
ويقال إن أمريكا كانت تملك من ثلاث إلى سبع قنابل حين ضربت اليابان بالسلاح الجديد، ولكن امتلاك سر الصناعة يجعل إنتاج قنابل جديدة مسألة وقت لا أكثر.
وبذلك مشى طريق صناعة القنبلة النووية في ثلاثة معارج؛ الأول في تخصيب اليورانيوم 235 وإيصاله إلى الكتلة الحرجة للانفجار (في حدود 60 كيلوجراما) والثاني قلب اليورانيوم إلى بلوتونيوم بواسطة مفاعل نووي، ثم تفجيره، وهي مسألة إيران مع المجتمع الدولي حول صناعة السلاح النووي من أفران المفاعلات النووية.
أما الطريق الثالث الذي قاده الهنغاري إدوارد تيللر فهو صناعة القنبلة النووية الهيدروجينية الالتحامية.. وكان يسخر من مجموعة أوبنهايمر أنهم يصنعون فتاش ومفرقعات العيد؟ أما السلاح الفعلي التدميري فهو الهيدروجيني، وهو ماقام به لاحقا بعد أن فجر الروس أول سلاح لهم في صحراء سيمي بالاتنسك في كازخستان، وبلغت قوته 13,6 ميجاطن مقابل قنبلة هيروشيما 18 كيلو طن؟ أي أن الهيدروجينية أقوى من الانشطارية بـ 755 مرة!
بقي العلماء يشتغلون على المشروع منذ عام 1942 م حتى جاء وقت استخدامه في 6 أوجست من عام 1945م فأحرق في دقائق قليلة 150 ألفا من الأنام؟ في ثلاث شعب لاظليل ولا يغني من اللهب .. إنها ترمي بشرر كالقصر كأنها جمالة صفر. ويل يومئذ للمكذبين؟