في إحدى دعايات مشروبات الطاقة -الضارة كما أقرأ - ينتهي الإعلان بعبارة رنانة لها مفعول محفّز: "قوّي قلبك"!

وهي عبارة شائعة - يختلف لفظها من مجتمع لآخر - تقال للإنسان حينما يحجم عن مبادرة حاسمة، أو يؤجل فعلاً صارماً، أو يسوّف قراراً منتظراً خوفاً من تبعاته، فيحتاج لمن يقول له "شد حيلك.. قوي قلبك"!

أمس طالعت تقريرا أقل ما يقال عنه إنه مخجل ومسيئ لسمعة المواطن قبل الوطن.. مجموعة أيتام، لا حول ولا قوة لهم، يتعرضون لصنوف الإذلال والإهانة والإهمال في منطقة جازان..

زارتهم (الوطن) في دار التربية الاجتماعية بمبنى الشؤون الاجتماعية هناك، واطلعت على واقع حياتهم، وخرجت لنا بتقرير حزين أسود.. لن أسرد عليكم شيئا من صنوف الفساد الإداري والمالي الذي كشفه التقرير، لكن أكثر ما آلمني معاناة يتيمين.. أحدهما يقول يقدمون لنا عشاء "إندومي" فقط، وفي الليل يصيبنا الجوع.. وآخر يقول الملابس والكسوة لا نعرفها إلا من عيد إلى عيد ونضطر لاستخدام ملابس بعضنا!

"قوّي قلبك" أهديها لمعالي الوزير الإنسان الدكتور يوسف العثيمين، أن يضع حدا لهذه الممارسات التي تفاجئنا بها الصحف كل صباح.. والمؤلم لي -ولغيري بالتأكيد - ما يقال لنا دوماً "هذا المنشور وما خفي كان أعظم".. فنحن لا نعلم شيئا عن حال هذه الدور سوى ما تكشفه لنا الصحافة.. مؤكد، ومؤكد جداً، أن هناك أشياء طواها الظلام.. مآسٍ تمت في الغرف المغلقة، دون أن تصلها عدسة جوال، أو كاميرا صحفي..

"قوي قلبك" معالي الوزير، واضرب بيد من حديد على إدارات هذه الدور.. لا بد من غربلة هذه الدور وتكثيف الرقابة عليها بشكل مضاعف.

الضحية في كل هذه المآسي المبكية هم أيتام مساكين لا أب لهم، ولا أم.. وأنت بمثابة الأب لهؤلاء جميعاً.. هؤلاء ضعفاء معالي الوزير.. وقد ورد في الأثر الكريم "إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم".