تبقى العطلة الصيفية هي المتنفس الرئيسي لغالبية شرائح المجتمع لقضاء أوقات من الراحة بعد عناء موسم شاق سواء كان على الصعيد الدراسي أو العملي، وعلى ذلك ينتظر الجميع أن تتوفر لهم في هذه العطلة المزيد من الفرص والبرامج التي تسمح لهم بقضاء وقت ممتع، وعند الحديث عن العائلات فإن الحديث يطول فرغم أن لهم نصيب الأسد من جملة العروض والفعاليات الصيفية إلا أنها تبقى محل انتقادات من تلك العائلات بسبب فقرها لعناصر التشويق وسطحيتها ووقوعها في فخ التكرار النمطي الذي يفقدها عنصر المفاجأة والإثارة المطلوبة لجلب الحضور، فإذا كان حال العائلات هكذا لدينا، فكيف الأمر مع الشباب، وماذا عن احتياجاتهم خاصة أنهم شريحة مهمة يجب العناية بها كما يجب.

يستمر سعد "20" عاماً في التسكع ذهاباً وإياباً عند بوابة خلفية لأحد المجمعات فيما يجلب صوت الموسيقى الصادرة من مسجل سيارته الكثير من الضوضاء حوله، التي تجلب له نظرات المتسوقين الغاضبة وفي أحيان بعض اللعنات التي تصل لمسامعه ولكنها لا تثير لديه إلا مزيداً من الضحكات العالية، استوقفنا سعد بعد أن أوقف سيارته جانباً، وتحدثنا معه، وحقيقة كان مختلفاً في أسلوبه عن تصرفاته التي أعطتنا حكماً مسبقاً عن عدوانيته ومستوى متدن من التعامل إلا أنه كان غير ذلك، ورد سعد على أسئلتنا بالقول: للتو فرغت من العام الأول بالجامعة، ومنذ بدأت العطلة الصيفية وأنا لا أجد الكثير من الأماكن لأذهب إليها حيث المهرجانات للعائلات والأسواق للعائلات، حتى المجمعات كذلك، أترى هذا المجمع التعيس، أنهم يمنعونه عنا، وحتى لو دخلت بمفردي فستلاحقني نظرات التشكيك من بعض المتسوقين الحمقى والباعة المتحذلقين، إنه أمر مزعج جداً، لدي قليل من الأصدقاء والخيارات تكاد تكون معدومة، فأما الذهاب للاستراحة المليئة بدخان "الشيشة" أو السفر للبحرين التي تبقى خياراً جيداً إلا أن مجرد التفكير في زحمة الجسر تجعلني أستبعد الفكرة من رأسي، لست سيئاً ولكني أقوم ببعض الأعمال التي قد تبدو كذلك.

وغير بعيد عن سعد، كانت هناك مجموعة من الشباب تحلقوا حول بعضهم في مواقف أحد المطاعم، مشكلين منظراً مزعجاً للعوائل التي تدلف إلى المكان بأصواتهم العالية ونوعية الألفاظ التي يستخدمونها، يقول أحدهم معلقاً على ذلك: نجتمع يومياً في مكان يحدد ارتجالياً، ونقضي بعض الوقت قبل أن ننتقل لمكان آخر، لا مكان متوفر لنذهب إليه، سوى الكورنيش الذي تحتله الآن العائلات، فيما إمكاناتنا المادية لا تسمح لنا بالسفر إلى الخارج، لا يذهب هناك إلا القلة من أصدقائنا وجلهم من ذوي السلوكيات السيئة ولكنهم لا يفعلون ذلك إلا في الخارج، فنكون نحن في الصورة فقط.

من جهتها تتحدث الأخصائية النفسية فاطمة خليل النزر عن الموضوع بالقول: من الواجب أن نتعامل بحذر مع قضية أوقات فراغ الشباب في هذه الفترة العمرية الحرجة التي تحتاج إلى تفريغ طاقاتها بأي شكل، فيجب استيعابها عبر خطة عمل تضمن توافقها مع متطلباتهم النفسية والحياتية، للأسف نجد أن الكثير من الفعاليات الصيفية التي من المفترض أن تعنى بترفيه المجتمع بشرائحه تتجه بشكل تقليدي صوب الأسرة فقط، وتكرس الفكرة التقليدية بتجاهل الشباب وهو ما يفتح الباب أمام انصرافهم إلى توجهات أخرى تكون غالباً سلبية، هنا ننادي بضرورة أن تتبنى مؤسسات المجتمع سواء الحكومي منها أو الخاص فعاليات أكثر قيمة واعتباراً للشباب، وكم سيكون مناسباً دمجهم بشكل متدرج وواع مع بقية شرائح المجتمع، لا أعلم حقيقة المعايير التي تستند إليها الجهات المنظمة للفعاليات والأسس لعملهم التنظيمي، ولكني أظن أن الاستعانة بخبراء نفسيين وباحثين أكاديميين ستوفر خيارات أكبر للجميع.

من جهته بيّن الناطق الإعلامي لأمانة المنطقة الشرقية محمد الصفيان في تصريح إلى "الوطن" أن مهرجانا مثل صيف الشرقية خصص واحة للشباب ضمن برنامجه الترفيهي لاستيعاب الشباب، حيث تشرف الأمانة على المهرجان الذي يستقطب الكثير من الحضور بسبب تنوع فعالياته، مع التركيز على الجانب العائلي، وليس بعيدا عن مهرجان أمانة الشرقية كان مهرجان صيف أرامكو الذي منع دخول الشباب بسبب حدوث مشاكل بعد أن سمح بذلك في البداية.

وبجولة بسيطة على غالبية الفعاليات التي تحتضنها منطقة مثل حاضرة الدمام نجد الكثير من الفعاليات التي تركز في مضمونها على العائلات فقط، لأسباب اجتماعية وتجارية تتعلق بالدخل والمردود المادي، فيما يتكرر المشهد النمطي في تكدس مجموعات من الشباب في الشوارع والكورنيش حتى أوقات متأخرة من الليل، بانتظار آليه جديدة تحكم توزيع الفعاليات بشكل منصف بالنسبة لهم.