أسافر وأعود وخطيب هذا الجامع لا يتغيّر! تغيّر وجه الحارة وتمت سفلتة شوارعها.. وامتلأت بالمساكن الحديثة، واكتملت البنية التحتية، وأصبحت الحارة مزدحمة بالبشر من كل لون ومذهب، وجاء عام 1434 ومنبر جامعنا لا يعرف أحداً سوى هذا الرجل! لا يغيّر من حاله، ولا يطوّر من أدواته.. وهو أيضاً لا يتغيّر، بمعنى: لا يتم تغييره، ولا يتم إحلال آخر مكانه! أحياناً ألتمس له العذر فأقول لعله يظن أن هؤلاء الجالسين يستمعون إلى خطبته حديثو عهد بالإسلام؟! أو ربما يغيب عن باله أن كثيراً ممن يستمعون إليه لا يقلون وعياً وإدراكا وعلماً عنه.. إن لم يكن بعضهم أوسع علما منه.. والمضحك المبكي في القضية حينما تشكو الحال يأتيك الرد فوراً: لست مجبوراً على حضور خطبة الجمعة معه.. الجوامع كثيرة.. "رح لجامع آخر"! وكأنه قد كتب عليك أن تمضي العمر كله في التنقل بين جوامع المدينة!

كتبت تغريدة في "تويتر" قلت فيها: "لا جديد.. خطبة مملة، وعديمة الفائدة"، فانهالت عليّ الردود، كلها تلومني؛ إذ إن الحل بيدي كما يقولون.. تظن أن هناك حلولا جديدة.. تتفاجأ بأن الكل يتفقون على الحل السحري: "غيّر الجامع.. رح لجامع آخر"! وأسوأ ما هنالك هم المزايدون، الذين يحاولون نسف الفكرة بقولهم: "لو لم يكن في الخطبة من الفوائد إلا ذكر الله لكفى"، أو قولهم: "لو لم يكن فيها سوى آية أو حديث لكفى"، ولا أعلم لماذا لا نذكر الله ونستمع لهذه الفضائل في إطار خطبة ذات أثر إيجابي في نفس الوقت؟!

السؤال المهم الآن: لماذا لا يتم تغيير بعض خطباء الجوامع.. كثير من الناس يتركون أماكنهم لغيرهم.. لماذا لا يترك هؤلاء أماكنهم لغيرهم.. فإن لم نستطع ذلك فليس أقل من أن يتم تدوير الخطباء بين الجوامع.. كل سنة أو سنتين أو حتى أربع، يتم نقل الخطيب لجامع آخر.. فإن أعيتنا الحيل فأضعف الإيمان أن تعقد للخطباء دورات تأهيلية.. وحتى ذلك سأنضم لقافلة الباحثين عن جامع آخر!