تقف المرأة في بلادي بين العنف والتعنيف، تلعب دور البطولة دون قانون واضح يحميها من سطوة الرجل، سواء كان أبا أو أخا أو زوجا، ودون اتخاذ إجراء رادع، يمنعه من الإقدام على مثل هذا الجور، فما يغريه بتعنيف المرأة ليس هو ضعفها أو عدم إلمامها بحقوقها، أو تقصيرها في المطالبة بها بالوسائل السلمية والمشروعة، بل إن غياب القانون والعقوبة الرادعة في مثل هذه الحالات هو المشجع الأول للرجل في تماديه في العنف ضد المرأة، حتى شعرت هذه المرأة بأن الخلاص الوحيد لها مما هي فيه، أن تنتصر لنفسها بيدها، فمقابل حالات التعنيف الكثيرة الظاهرة التي نسمع ونقرأ عنها في الصحف، كإيذاء المرأة جسديا ولفظيا، وعضلها، والاستيلاء على حقوقها، فضلا عن التعنيف الفكري وفرض الوصاية والهيمنة وحرمانها من أبسط حقوقها الآدمية، مقابل كل هذا، أصبحنا نقرأ كذلك ونسمع عن العنف المضاد واتساع دائرة العنف لتشمل سيدات وفتيات مراهقات ينتقمن من أزواجهن أو آبائهن أو إخوانهن، بأبشع الجرائم، وهذا هو المخيف في حال استمرار غياب القانون.

يجب أن يوقف هذا العنف بحق المرأة بالوسائل العملية الواضحة التي لا تترك مجالا لاجتهاد هذا أو ذاك، هذا العنف الذي بدأ نشأته عند بعض الرجال بفعل التربية والموروث والبيئة، وترعرع في عقول سيطر عليها الجهل، ووجهت تحت مسميات كثيرة كالقوامة والرجولة للانتقاص من شأن المرأة، وما التأشيرة التي تمنحها السلطات الأميركية، والتي أسمتها بتأشيرة (ضحية) إلا دليل على استشراء حالة العنف الموجه ضد المرأة التي لم يغيرها أو يحد منها وجود المرأة في بيئة أكثر وعيا وانفتاحا وإيمانا بحقوق المرأة ومساواتها بالرجل، بل إن هذا الحدث يجعلنا نتوقف قليلا لنعيد حساباتنا تجاه ما يقدم للمرأة من حماية ودعم في كثير من المجالات، وأهمية توفير غطاء الحماية اللازم لها لتعيش في هدوء واستقرار يخولها للقيام بمهامها الكبرى التي يسندها لها المجتمع، وحاجتها بالفعل إلى خطوات عملية سريعة وعاجلة، قبل الوصول للهاوية.