ذات مساء وأنا في طريقي لقراءة كتاب في أحد المتنزهات اتصل بي أحد أصدقاء العمل، وبعد أن قدم لي السلام وهو في حالة متوترة، طلب مني طلبا غريبا بأن أحضر له "ماء مقريا" عليه (الرقية) وعلى وجه السرعة، واشترط في طلبه أن يكون الماء "مرقيا" من شيخ معروف وقوي في قراءته!

أدهشني طلب صديقي وخفت أن يكون قد حدث له مكروه مما جعلني أقاطع كلامه على الهاتف، وأبادره بالسؤال: سلامات ماذا حدث لك؟ فرد علي وهو يحدثني وليته لم يرد، وقال إنه في ضيق شديد وإن مصيبة قد وقعت به، تمثلت هذه المصيبة في أن ماكينة دفع المياه في مزرعته يوجد بها عطل، وأن أحد أصدقائه قدم له حلا مناسبا لإصلاح عطل الماكينة تمثلت هذه النصيحة بوضع "ماء مقري" عليه بجهاز تبريد الماكينة (الرديتر)، وبعد ذلك سوف تعود الماكينة إلى أفضل مما كانت عليه في السابق!

كتمت ضحكتي بداخلي التي ترافقت مع دهشتي من مستوى هذا الطلب وهذا التفكير وللأسف أنه ما زال في مجتمعنا من هو حبيس لهذه الأوهام وهذه الأفكار الغريبة المضحكة والمبكية، وصدق المتنبي حين تنبأ بالمستقبل حيث قال (يا أمة ضحكت من جهلها الأمم).