رفض محاضرون اتهام الشباب بالعزوف عن الكتاب وجدية التفكير، مستدلين بأرقام مبيعات معارض الكتب، وإثارة كثير من الأسئلة الفكرية لدى الشباب، مؤكدين تميز شباب اليوم بالإقبال على القراءة، حيث تعد سوق الكتاب السعودي الأكثر مبيعا بين الأسواق العربية، طبقا لمؤشرات معارض الكتب في السنوات الأخيرة. وطالبوا خلال ندوة بنادي مكة المكرمة الأدبي أول من أمس بعنوان" القراءة الفكرية المبكرة.. وأثرها في التكوين الثقافي" بالعمل المؤسسي وتكوين نوادي قراءات، وتنظيم دورات تدريبية في صناعة التفكير.
ودعا عميد معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بجامعة أم القرى، الدكتور عادل باناعمة، إلى فض الاشتباك بين العقلانية والانحراف، محذرا مما سماه (كارثة الذكاء) و(خدعة العقل).
وقال باناعمة: لا ينبغي في المناهج التربوية التركيز على زكاء القلب، دون ذكاء العقل بل يجب التبشير بخطاب العقل بموازاة خطاب القلب فنحن أحق به وأولى.. وتساءل باناعمة في حديثه: هل نحن إزاء وصاية على الفكر في ثوب فكري ؟ بمعنى أننا كنا في مرحلة سابقة نتسلط على المختلف فكريا باسم السلطة الدينية ؟! واليوم نريد أن نتسلط عليه باسم السلطة الثقافية ؟ فهل انتقلت الوصاية المقيتة من منابر المساجد إلى طاولات الأندية الأدبية ؟! وهل أصبحت القراءة والانفتاح أشد تخويفا من الجهل والأمية؟ ولماذا لم ينطق أحد حين كان الشباب معزولين عن الفكر والثقافة، قانعين بالتلقين، ولا يعرفون للكتاب طريقا؟ ولما كل هذا العويل حين امتدت يد الشباب للكتاب؟! هل صار الجهل خير من العلم؟!
وعن أسباب الانحياز إلى قراءات معينة، أشار الدكتور باناعمة إلى ( فتنة الشك)، حيث يمثل(الشك) اليوم أكثر الدوافع المعلنة للخوض في سائر أنواع القراءات بحثا عن الحقيقة. بينما تحدث ياسر المطرفي عما يتميز به شباب اليوم من إقبال على الكتاب، من خلال مؤشرات عديدة في ظل غياب الإحصائيات الدقيقة، ومن هذه المؤشرات، الإقبال على شراء الكتاب، حيث تعد سوق الكتاب السعودي الأكثر مبيعا بين الأسواق العربية، طبقا لمؤشرات معارض الكتب. ورأى المطرفي أن العلوم الشرعية بحاجة ماسة إلى بناء العلم على الفكر، داعيا إلى الانتقال للعمل المؤسسي وتكوين مجموعات ونوادي قراءات، وتنظيم دورات تدريبية في صناعة التفكير. في حين أوصى باناعمة بأن ينظم نادي مكة الأدبي ورش عمل تتعلق بالقراءة الفكرية، وعدم الاكتفاء بمناقشة الموضوع بندوة تقتصر فائدتها على الحاضرين والمشاركين فيها.
وشهدت الندوة عددا من المداخلات، حيث اقترح الدكتور عبدالله الحارثي حسن الاختيار فيما نقرأ، مؤكدا أن القراءة لا تأتي إلا بخير، في حين دعت الدكتور نادية بخاري إلى أن نغرس في شبابنا الفكر السليم بأساليب جديدة، بعد أن أضحى الكتاب مرتبطا بالدراسة وبالمدرسة، حسب تعبيرها، ورأى وائل الحارثي ضرورة قراءة موضوع الندوة على قاعدة المصالح والمفاسد، ذاهبا إلى أن أهم نتائج القراءة إحياء الخطاب النقدي.
وكان رئيس مجلس إدارة نادي مكة الأدبي الدكتور حامد الربيعي قد رحب في مستهل الندوة بوفد المعلمين لأكثر من عشرة بلدان من الدول الإسلامية الشقيقة، الذين يستضيفهم معهد اللغة العربية لغير الناطقين بها، مشيرا إلى أنهم حرصوا على حضور الندوة لأهميتها.