"انتهت المهمة"، هكذا وصف بائع الذرة في "ميدان التحرير" بالقاهرة محمد عبدالعظيم عملية إزالة الخيام وعملية التنظيف التي قام بها بنشاط عدد كبير من العمال الذين تعاون بعضهم مع بعض لإزالة آثار أشهر من الاعتصام الذي أطاح بنظام الرئيس السابق حسني مبارك. وغير هذا الاعتصام معادلة القوة السياسية في مصر، وأعادها لأول مرة في التاريخ المصري إلى الشعب الذي لم يختر رئيساً بطريقة ديموقراطية منذ حضارة البداري قبل 6500 عام، ثم حضارة نقادة ثم حكم ثلاثون أسرة فرعونية ثم الحضارة الإخمينية ثم اليونانية ثم الرومانية ثم الحكم الأموي فالعباسي ثم الطولوني فالإخشيدي ثم الفاطمي فالأيوبي ثم المملوكي، والعثماني، ثم الحكم الفرنسي ثم الملكي الذي بدأ بمحمد علي باشا وانتهى بعد الاحتلال البريطاني بسقوط الملك أحمد فؤاد الثاني، والجمهوري الأول الذي انطلق بمحمد نجيب وانتهى بحسني مبارك.

إذن، فهو ميدان التحرير هو أكبر ميادين مدينة القاهرة في مصر، كان اسمه عند تأسيسه ميدان الإسماعيلية نسبة للخديوي إسماعيل، ثم تم تغيير الاسم إلى ميدان التحرير بعد انقلاب عام 1952 على يد الضباط الأحرار. وقد لعب دوراً في ثورة 1919 ومواجهة الاستعمار الإنجليزي عام 1935، وثورة الخبز عام 1977، وأخيرا ساهم في سقوط آخر الفراعنة المصريين في ثورة 25 يناير 2011 حيث انتهت مهمة الشعب في هذا الميدان مع قدوم الرئيس المصري الأول في الجمهورية الثانية محمد مرسي في 29 يونيو الماضي ليؤدي اليمين الدستورية أمام الشعب.

وكان ميدان التحرير لعب دورا في الثورة المصرية الأخيرة مع احتشاد ملايين المصريين مستفيدين من ثورة الاتصال عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتحديد موعد انطلاق الثورة التي كانت في 25 يناير 2011 مطالبين الرئيس مبارك بالتنحي. ورغم الصعوبات تماسك المحتشدون حتى أعلن رئيس الاستخبارات المصرية السابق عمر سليمان في بيان تخلي الرئيس عن منصبه في 11 فبراير 2011 ليتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد حتى تمت الانتخابات البرلمانية ثم الشورية ثم الرئاسية.

يذكر أن الرئيس المصري محمد مرسي أكد خلال كلمة أمام الحشود في ميدان التحرير قائلا "جئت إليكم اليوم لأني مؤمن تماماً بأنكم مصدر السلطة والشرعية التي لا تعلو عليها شرعية، أنتم أهل السلطة ومصدرها. وأنتم الشرعية وأقوى مكان فيها ومن يحتمي بغيركم يخسر"،