فلنبدأ من تساؤل الصديق العتيق/ "حمد الربيعة": لماذا اختار لك "كلوديا الشمالي" تحديداً؟ وعد إلى "ترتولة" ـ أو ترتول أو ترتال أو بالمصراوي ترتولاية ـ مفرد "تراتيل" للزميل الشرقي/ "محمد علي البريدي" وزد عليها: "وليه آآآنا موش هوه؟" على رأي الزميل "العندليب"؛ لتتحقق من مبدأين ما زال الطابع بأمر الله متمسكاً بهما: الأول/ أن القراءة ـ لا الكتابة ـ هي الفعل الفلسفي والسلوك التفكيري! والثاني/ أن القارئ (المتلقي) هو من يصنع الرسالة إذ لا تعدو الكتابة مجرد إشارات يلتقطها مخيخه ثم يعيد إنتاجها نصاً جديداً مختلفاً عن تلك الإشارات المبعثرة بحيث (قد) لا يظهر لك أي ترابط بينها لأول وهلة! وعليه فأي سجال بين كاتبين (مرسلين) هو لعبة "طائرة": أحدهما يرفع والآخر "يكبس"، أو قدم: أحدهما يمرر له والآخر يمرر لك؛ فالهداف الوحيد في اللعبة الفلسفية (القراءة) هو أنت سيدي القارئ!

و"البريدي الشرقي" بإتقانه أسرار هذه اللعبة "الطائرة" يذكرك بعمالقة شعر المحاورة؛ حيث يلقي أحدهم المعنى بلحن بسيط يحسبه السامع بريئاً وهو السم الزعاف! وبمناسبة "كلوديا" لا بد أن تتذكر أشهر محاورة بين العملاقين "صياف" و"خلف" ومنها قول "صياف": أنت لا غنت "سميرة"/ كل طاري على بالك طرى"! وانتبه لتتابع الإشارات في ما سماه "البريدي"/ "سياقنا الاجتماعي المهذب": فسميرة هي كلوديا هي "الشحرورة" هي "عايدة الشاعر" هي "ليلى نظمي" هي "شاطر شاطر" و"بوس الواوا"! وهي بالنسخة الذكورية: "عدوية" و"الأحسائي إخوان" و"شفيق جلال" و"لولاكِ"، و"شعبولا" و"أبشرك يا قلبي ضعنا"، و... "أتارينا: لارحنا ولا جينا"!

إنها إشارات تلخص ثقافة الصورة الشعبية عندنا، منذ بدأ البث التلفزيوني قبل خمسين عاماً بالتمام ـ على اعتبار أن السينما نخبوية لا شعبية ـ حيث صرنا "نسمع" الأغنية ـ لاسيما النسائية ـ بأم أعيننا وخالتها وجارتها وزميلتها في العمل وصاحبتها على "الواتس آب"!

ويمكنك تقسيم "السياق الاجتماعي المهذب" إلى أربعة أجيال:

1ـ جيل "الشحرورة/ صباح" (الستينات الميلادية): واسأل "علي الرباعي" كيف استقبل أهل الباحة وضواحيها أغنيتها الشهيرة (مسيناكم مسونا)؟ وهو جيل يتميز بحب الحياة وطول العمر وشد الوجه!

2ـ جيل "سميرة توفيق" (السبعينات الميلادية): ويتميز بانتشار أسماء مثل/ "علي" لغمزتها: (بيع الجمل ياعلي)! و"فارس" و"نجود" لبطولتها مسلسلة (فارس ونجود)! جيل عرف بالغمز الفاضح! وقد بهرت حتى جيل "الشحرورة" فكم من "علي شحروري" وقع من النخلة وهو يسمع "بأم عينه": (ياعين مولية واطنعش مولية)! كما عرف هذا الجيل جسور الحديد "المؤقتة" في "الوشم" و"البطحاء"!!

4ـ جيل "كلوديا الشمالي" (التسعينات الميلادية): جيل "الاستراحات"؛ عرف بالرخاء والرغد والصدر "الشمالي"؛ بعد ثمانينات عجاف شغل (الجيل الثالث) فيها بـ(مركزنا ينادي)!! وربع الفساد الإداري ربيعاً لا هوادة فيه وهو يسمع "بأم عينه": (شو بدك أكتر من هيك)؟ واسمع أنت "بأم عينك برضو": (ياويلي) لتعرف أين ذهبت مشاريع البنى التحتية؟؟

و... وصلت "كلو.."كلو".. "ديا" بدون كاتشب!!