في حين تقترب جمعية الثقافة والفنون في الرياض من إكمالها 40 عاما على تأسيسها، والاحتفال بهذه السنين في خدمة الفن والثقافة، قدمت إحدى الفنانات الشابات مشروع تخرجها من الجامعة (منشأة نموذجية لجمعية الثقافة والفنون) ولكل فروعها التي يعرف عنها اليوم أنها تستقر في مبان مستأجرة، وغير موائمة لدعم ما تتبناه من فنون كالرسم والموسيقا والمسرح. صاحبة المشروع (تغريد إبرهيم) أكدت في حديثها إلى "الوطن" أن هذه المباني النموذجية لجمعية الثقافة والفنون ستمثل نهضة فكرية وفنية في المجتمع من خلال انطلاقة جديدة عبر توفير مبنى يمثل رسالتها ويلبي احتياجاتها للمجتمع في كل منطقة، منوهة أن معظم الجمعيات لديها أراض لبناء مقر لها.
وشمل تصميمها "التخطيط الهندسي، مخططات تصميم المشروع، مقاطع هندسية، التصميم الداخلي ثلاثي الأبعاد من الداخل وأكثر من 50 تصميما لمناطق مختلفة للمشروع، تصميم الأثاث، تصميم المسطحات الخضراء، تصميم الجرافيكس والمطبوعات". تغريد، مهندسة وفنانة، بدأت مشروعها في سبتمبر الماضي، من خلال تواصلها مع فرع الجمعية في الدمام، وتوصلت إلى الموقع المقترح وجدول مساحات الجمعية وعدد الزوار ومناقشة المخطط الهندسي، لتعتمد في التصميم الخارجي للمشروع المنهج المعاصر والبساطة حيث الشكل التكعيبي للمبنى من الخط الكوفي المغلف بألواح بنقوش الأرابيسك (Arabesque)، وترابط الكتل يرمز إلى ترابط الوظائف في المبنى، أما تصميم المساحات الخضراء فالخطوط الخضراء الممتدة من المبنى إلى الأرض ترمز إلى ارتباط المبنى بهوية المنطقة وحضارتها، وما سيتميز به كل فرع من المنطقة بإنتاج فني يعبرعنه، والمسجد المعلق يرمز إشارة إلى أهمية التمسك بالمبادئ الإسلامية في أي عمل فني، ومن أهم جوانب التصميم أن يجذب المبنى المقيمين في المنطقة لينشر الثقافة الفنية والفكرية فمثلا مدخل مبنى المسرح، وهو أكثر النشاطات حضورا، مقابل المكتبة كي تجذب زوار المسرح، وعن استخدامها الحرف العربي في التصميم قالت تغريد "إن فكرة المشروع تتلخص بالشيفرة المكونة من أربعة حروف لكل حرف قيمة عددية تمثل العصور الذهبية للإنسانية، الأندلس (1400م)، والنهضة الأوروبية (1600م) حيث كانت الثقافة والفنون من أهم عواملها، حيث إن المملكة ستشهد عصر نهضة جديدا، من خلال فروعها في أرجاء المملكة، وقد تم تصميم هذه الحروف بطريقة تحفز المستخدم على التفكير والبحث عن هذه الرموز في المبنى، أما كلمة " إلهام" التي وظفت في المشروع أوضحت أن التصميم الداخلي يلعب دورا كبيرا في نشر رسالة الجمعية، وهي نشر الثقافة والإبداع بين جميع أفراد وطبقات المجتمع، من خلال "إلهام" مرتادي الجمعية عبر ثلاثة عناصر في المشروع، العنصر الأول والأهم الشيفرة، العنصر الثاني معنى الإلهام الصريح عبر تصميم كلمة الإلهام بخط الرقعة في منطقة الاستقبال بالمركز، ثالثا تصميم منطقة خاصة في المبنى تسمى منبع الإلهام، تتميز بوجود عناصر الإلهام مثل الماء والطبيعة الخضراء والإضاءة. وعن تدريبها في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي، نوهت أن فرصة التدريب في أرامكو عن طريق الكلية أضافت إلي نظرة عامة عن كيفية إنشاء المشاريع الضخمة بمقاييس وضوابط أرامكو، وأن تدريبها في القسم الهندسي للمشروع أتاح لها الفرصة للإطلاع عن قرب، والعمل على المشروع المقدم من الشركة العالمية Snøhetta، وعملها في تقييم المشروع كمبنى أخضر للحصول على شهادة ليد ( LEED ) وهي اختصار لـ Leadership in Energy and Environmental Des، مضيفة لها أيضا الكثير في الهندسة المعمارية الخضراء، حيث إن مشروع الجمعية مصمم للحصول على نفس الشهادة. ولقد تم عرض المشروع على مهندسي أرامكو، فكانت الردود إيجابية بأن تصميم المشروع للـ50 عاما القادمة، وأن مستوى المشروع من مشاريع الدراسات العليا في التصميم من حيث طرح الأفكار ويوازي ما تقدمة الشركات العالمية، وعن طموحها كمصممة معمارية أوضحت أن مساهمتها في بناء "بلدي السعودية" بمشاريع تحمل رسالة، وتخلد حضارة، مثل تصميم المكتبات والمراكز الحضارية، متأسفة أن العمارة الحالية ليست إلا مجرد صناديق للعيش فيها لا تحمل أي روح، فهمشت العمارة السعودية التي أثبتت وجودها في صفحات كتاب الباحث Geoffrey king فقط، فمن واجب المهندسين السعوديين بناء وطن للأجيال القادمة، فكل مبنى على أرضنا يمثل صرحا تاريخيا، فالعمارة مثل الفن تؤرخ وتوثق حقبة زمنية مرت بها البلاد، ومثلما ذكر المهندس العالمي Kjetil Thorsen Prof ، "العمارة الحقيقية هي التي تبني علاقة وثيقة بينها وبين الإنسان".