من العدل ومن الإنصاف، أن تذكر أولا أن الرابط الأساس لأفكار الدكتور محسن العواجي في مقابلته التلفزيونية الأخيرة تؤكد على جوهر العلاقة ما بين هذا الشعب وبين الأسرة المالكة الكريمة. كل الفارق في الصخب على هذه المقابلة هو هامش المناورة لما يراه (إصلاحا) في العلاقة ما بين هذين المسارين المتلازمين. ورجائي أن يمتنع الوسطاء:

معرفتي الشخصية بمحسن العواجي تبرهن عن صدر مفتوح للنقاش وكلنا أصحاب هم مشترك وإن تباينت الرؤية. أعتقد أن محسن العواجي تائه بين أن يكون – صاحب الفضيلة – وبين أن يكون – سعادة الدكتور -. تائه بين أن يكون الأكاديمي المتخصص الذي يجيب بمنطق علمي عن تأثير السوسة الحمراء وهي تنخر جذع النخلة بكل ما للمقاربة من رمزية بالغة الدلالة وبين أن يكون صاحب الفضيلة الذي يفتي حول مصطلح – البيعة – لولي الأمر.

أحببت أن أذكره أن (للفتوى) في علم الشريعة (مآلات) تستلزم تسكين الفتوى بمقتضى الحال وحجم التبعية على حال المجتمع والأمة. هذا ما تقوله الأدبيات الشرعية. وصاحب الفضيلة، يحذر من الفعل ولكنه يوغل في عمقه. هو ينادي مثلا بضرورة كسر احتكار مصطلح – البيعة – ولكنه يقترح وبالحرف أن يكون – العلماء والفقهاء – لوحدهم ضمن هذا المصطلح. العلاج لديه ليس إلا مزيدا من الإقصاء والتصنيف ونبذ بقية الشرائح المجتمعية. تكريس للديكتاتورية (الثيوقراطية) باسم الدين لأن المجتمع بأكمله في أدبيات هذه السياسة الفكرية الناشئة مجرد – فسطاطين -: فرقة ناجية تقود بقية الفرق العمياء وقد ربطت العيون بعصابة مطاطية. نسي أن المجتمع يدرك الفرق في قوام النخلة ما بين – السوسة الحمراء – وبين السواد العريض من الأمة التي تدرك مآلات الفتوى وخطورتها على مستقبله لمجرد نشوة – الاختلاف – في مقابلة تلفزيونية. نسي، مثلا، أن هذا الشعب لماح وذكي في تأكيد خياراته رغم كثافة الأدبيات التي تحاول بإصرار تغيير بدهياته وإعادة قولبة وعيه. نسي مثلا أن هذا الشعب الطامح لذات أفكار الإصلاح، إنما هو شعب يدرك تماما حال – أسلافه – قبل هذه الدولة مثلما يدرك حجم (مآلات) الآخرين من حوله في ظروفهم الراهنة.