قبل أيام بادر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بتهنئة الدراج الإسباني القوي ألبرتو كونتادور بعد أن حصل على القميص الأصفر في طواف فرنسا الدولي الشهير, ولم تستغرق التهنئة في الواقع سوى ثوان معدودة، وتضمنت كلمتين لا ثالث لهما, فقال: برافو إسبانيا!
هاتان الكلمتان من شخصية مهمة وكبيرة مثل ساركوزي، الذي لا يعد بعيداً عن الساحة الرياضية بوصفه من كبار مشجعي نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، لها دلالات وأبعاد يدركها جيداً, ولديه تفاصيل عن الرياضة الإسبانية الواثبة إلى الأمام بقوة, وفي نفس الوقت يعني هذا الكلام، من قامة سياسية عالمية، كثيراً للدراج الإسباني الشاب عندما يختصر بلدا بأكمله في شخصه, ويرمز لانتصاره كأنه انتصار بلد بأكمله وليس مجرد فوز بسباق دراجات هوائية، وإن كان بقيمة ومكانة طواف فرنسا الدولي العريق.
الرئيس ساركوزي يعلم بهذه التهنئة أنه يحيي شعباً أولى الرياضة اهتماماً كبيراً انعكس في صورة تتويج كافة الرياضات, وأصبح الرياضي الإسباني متصدراً لأغلبية الألعاب، وبالتحديد الجماعية منها. فهو يعلم علم اليقين أن إسبانيا بطلة أمم أوروبا الأخيرة عام 2008 وللمرة الثانية في تاريخها, ويعلم أنها بطلة كأس العالم لكرة القدم للكبار في جنوب أفريقيا لأول مرة, وأنها بطلة العالم في كرة السلة وحاملة اللقب الآن, وسبق لها أن حملت كأس العالم لكرة اليد, وكأس العالم للناشئين لكرة القدم، وأيضاً فرقها الكروية ممثلة في برشلونة وريال مدريد حققت كافة ألقاب كرة القدم قارياً وعالمياً, والدوري الإسباني أصبح الأول بين دوريات العالم أجمع, هذا على الجانب الجماعي للرياضة.
على الجانب الفردي, الرياضي الإسباني متصدر وبقوة منصات التتويج العالمية والقارية, ونرى ونتابع تصدر بطل التنس رافائيل نادال التصنيف العالمي بعد اكتساحه لغالبية البطولات لهذا العام, ويثبت سائق السيارات فرناندو ألونسو أنه من أبطال الحلبات السريعة في العالم, ولطالما أنجز بطولة العالم كأصغر من حقق هذا الإنجاز في عالم السرعة.
تهنئة ساركوزي بمثابة رسالة أخرى لرياضيي بلده الذين أخفقوا في جل مشاركاتهم في الألعاب الجماعية والفردية, وحاول من خلال هذا الانتصار الإسباني أن يقارن بين اجتهاد إسباني وضعف اجتهادات رياضيي فرنسا وعدم قدرتهم على الإنجاز بعد أن كانوا في العشرية السابقة متصدري منصات الألعاب، سواء الجماعية منها أو الفردية. ولم تكن عبارته الشهيرة قبل فترة وجيزة (الكرة الفرنسية وجه كارثي) وهو الوصف الذي يغني عن تحليلات كثيرة لمغزى ابتهاج ساركوزي بالرياضي الإسباني ورغبته بالتهنئة أن تصل إلى الإعلام ويستمع لها الناس وتنقلها وسائل الإعلام من أن القيادة السياسية غير راضية عن أجواء الرياضة الفرنسية ومحصلتها في المنافسات الدولية على الرغم مما توفره الحكومة الفرنسية من إمكانات وتسهيلات كبيرة للرياضيين الفرنسيين تعادل في مجملها ميزانيات دول الشرق الأوسط مجتمعة في الجانب الرياضي.
نضم صوتنا كرياضيين عرب إلى صوت الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي فنهنئ الأصدقاء الإسبان على القفزات الرياضية الهائلة وكذا (نغبطهم) على البيئة المحفزة التي باتت تعيشها في كل تفاصيلها مما جعلها قبلة العالم أجمع, وصار نجوم الرياضة الإسبانية على كل لسان.