على بعد (15) كلم من مدينة أبها يتربع "متنزه السحاب" على قمم عسير غرب قرية السقا، يتميز بإطلالته الجميلة على تهامة غرباً والمدرجات والقرى المحيطة شرقاً، ويعتبر من المتنزهات الهامة والحيوية في منطقة عسير ويتقاسم الجمال مع متنزه السودة.
أطلق عليه مسمى السحاب، نظراً لتراكم السحب على قممه في صورة إبداعية جميلة، حيث يشعر الزائر بأنه يجلس فوق ركام السحاب.. ويستمتع زوار المتنزه بمطلات على قمم تهامة غربا وعلى محمية ريدة من الجهة الجنوبية الغربية، تلك المحمية التي توجد بها العديد من أصناف الحيوانات النادرة وكذلك مختلف أنواع الطيور، بالإضافة للمدرجات الزراعية التي تاخذ بعدا جماليا آخر من قمة المتنزه.
خدمات المتنزه
وعلى الرغم مما يمتلكه الموقع من مقومات سياحية إلا أنه يفتقر إلى أي خدمات تذكر على أرض الواقع، فيما يتعلق بالإنارة أو الجلسات أو حتى مظلات يجلس تحتها الزوار، فالمتنزه أشبه بطريق عابر، كما أن الطريق المؤدي إلى المتنزه ضيق، ومحاط ببعض الأحجار التي تتدحرج بين الحين والآخر إلى داخل حرم الطريق، إضافة إلى افتقاره إلى ممرات داخل الغابات المحيطة، وغياب تام لدورات المياه التي تشكل هاجسا آخر للزوار.
ويجد الأطفال أنفسهم محرومون من المتعة حيث لا تتوفر لهم أي ألعاب، فيما يقضون وقتهم بالسير على الطريق وبين الغابات. كما يعاني المتنزه من عدم وجود جسور وشبوك في بعض المطلات الأمر الذي يعرض الزائرين إلى خطر السقوط من أعلى المتنزه.
غياب النظافة
يشاهد الزائر لمتنزه السحاب ركاماً من السحب تظله، والأشجار الخضراء تحيط به يمنة ويسرة، فيما طبيعة المكان قد شوهتها النفايات المتراكمة على الطريق وبين الأشجار، حيث يعبر الزائر بسيارته بين ركام من المعلبات والأكياس الفارغة والمتناثرة، ويتساءل كل من زار المتنزه "بأي ذنب ترك دون نظافة وحرص؟"، حيث تم الاكتفاء بحاويتين امتلأتا بالمخلفات حتى تطاير الركام من حولها، كما أن الزائر يفتقد وجود سلات موزعة بطرق منظمة في المتنزه يمكن من خلالها المحافظة على نظافة المكان.
رأي الزوار
يقول عبدالرحمن سالم بأن متنزه السحاب اسم على مسمى، فالزائر له يجد نفسه بين السحب وكأنه يسبح في الهواء، ولكن المتنزه متروك بوضعه الطبيعي دون اهتمام، فهناك غياب تام لأبرز المقومات الأساسية مثل الإضاءة ووجود غرف أو جلسات موزعة بين أركان المتنزه، وعدم وجود ممرات أو دوات مياه، كم أن المتنزه يفتقد لوجود كشك أو بوفيات متحركة لخدمة الزوار، ويضيف "كل هذه العناصر مجتمعة تسبب قلقا للزائر"، فيما يرى محمد صالح أن تهميش الأطفال وعدم توفير مواقع لهم في المتنزه أمر يثير التساؤل، فكل أسرة تذهب للتنزه تريد أن تجد خدمات متوفرة وشاملة في الموقع المقصود، ولكن متنزه السحاب مغيب تماماً من كل الخدمات.
طريق المتنزه
يفتقد طريق متنزه السحاب إلى اللوحات الإرشادية الدالة، ويقول يحيى آل معتق "هناك أماكن خطرة ومساقط سحيقة في بعض المواقع، وقد تعرض المركبات أو الأطفال للسقوط، وهي بحاجة إلى رصفها وتوسيعها وبناء الجسور" ويؤكد بأن الزائر للمتنزه يكتفي بالمرور بسيارته حتى آخر نقطة في المتنزه ليعود من نفس الطريق لعدم وجود مواقع أو مداخل تسمح بالجلوس. وأضاف بأنه سمع عن مشروع منذ زمن طويل لوضع جسور على الطريق، وقال "تم وضع عدد من الأخشاب كمشروع قائم دون أي تطوير". وبين آل معتق أن المتنزه مهمش كليا رغم إقبال الزوار.
جهود فردية
أنشئ في الموقع متنزه "فوق هام السحب" قبل نحو خمس سنوات بجهود فردية، ويقول صاحب المتنزه أحمد الحنيشي "لقد بدأت فكرة إقامة المتنزه بجهود فردية، فالموقع ملك شخصي لي ولإخوتي، وبدلا من بناء منازل فيه أو بيعه أو حتى تقسيمه وتشويه ملامحه، تم تسخيره لخدمة الزوار، وشهد إقبالا متزايدا عاما تلو عام، إلا أنني لم ألتمس عونا من الجهات المعنية، فالكهرباء لم تقدم شيئا لخدمة المتنزه، فيما لم تقدم الأمانة شيئا من خدماتها الضرورية مثل السفلتة والإنارة والنظافة". وأضاف "لم نشهد النظافة منذ سنوات إلا من قرابة أسبوع فقط وفي مواقع معينة وأقوم شخصيا بدفع مبالغ مالية من أجل النظافة" وبين الحنيشي بأنه قام بسفلتة الموقع على نفقته الخاصة، فيما لا تزال مواقع أخرى بحاجة لمثل ذلك، لافتاً إلى أن الزوار يطالبون بتوفر الخدمات من مطاعم ودورات مياه وغرف جلوس بالإضافة إلى وجود صالة لملاعب الأطفال.
وقال الحنيشي: هناك غرف متعددة للجلوس والاستمتاع بإطلالة مباشرة على جبال تهامة وسهولها، والكثير من الزوار يفضلها، وهناك سوق شعبي يقوم بالبيع فيه بعض النساء السعوديات، ويتوفر بالمتنزه موقع كبير ومطل يحوي ألعاباً ترفيهيةً للأطفال. وختم قائلا: اجتهدت قدر المستطاع، ولكن المتنزه بصفة عامة بحاجة إلى تطوير وعناية واهتمام، ووضعه الحالي لايساعد أن يستمر بهذا الشكل. وتذمر الحنيشي من قيام بعض الجهات بإبعاد اللوحات الإرشادية من مواقعها، وقدم الحنيشي دعوة للمسؤولين في الهيئة العليا للسياحة لزيارة المتنزه ومشاهدة الجهود الفردية المبذولة لخدمة السياح والزوار.
عبث مستمر
إن غياب التنظيم في المتنزه جعل الكثير من الأشجار والمواقع تفتقد طبيعتها، فأيدي العبث تطال الكثير من الطبيعة البكر، حيث لم يتم وضع إرشادات توعوية أو ممرات معينة لحماية الأشجار من القطع والإحراق والتكسير والعبث الدائم، مما شوه منظر الغابات المحيطة وأفقدها جمالها ونظافتها.
مشاريع مستقبلية
المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة في منطقة عسير عبدالله مطاعن، كشف بأن هناك شراكة بين أمانة منطقة عسير وفرع الزراعة في منطقة عسير وفق توجيهات سمو أمير المنطقة، وقال تضاعفت الجهود في السنة الأخيرة لتصل إلى ثلاثة أضعاف، وهناك توجه إلى تطوير المتنزهات، وقال بأن متنزه السودة يشهد حاليا تطورا متزايدا، مؤكداً بأن وجود التنسيق بين الجهات ذات العلاقة ساعد كثيرا على تحقيق الأهداف، مشيرا إلى أن متنزه السحاب ضمن الأولويات وسيتم تجهيزه بكافة الطاقات والإمكانات لتوفير مواقع للجلسات ومظلات ودورات مياه وغيرها. وقال مطاعن إن الجهود الشخصية بقيام أحد المواطنين بتجهيز منتجع فوق هام السحب بمتنزه السحاب يعتبر جهدا داعما يمثل تعاون الأفراد مع الهيئة.