ابن عزران كهل جيزاني، فيه عنجهية لكنه في داخله خواف، وفيه مراهقة متأخرة، طماع، يغيّر مواقع علامات حدود حقله ويدخل في حقل جاره، ولم يمض على اتفاقهما ساعات معدودة، فيدخل في عراك بالأيدي، ويتلقى ضربا مبرحا من جاره، ويبقى مغمى عليه حتى يسعفه أبناؤه، الذين يشتكون من تقتيره، ويطالبونه بمصاريف المدارس وهو يتملص. يظهر له فتى يطالبه بأرض والدته التي سافرت للحجاز من سنين طويلة، فيجحده ويقنعه أن أمه باعت الأرض من زمان، غير أن الفتى لم يقتنع.
للفتى خطيبة من الحجاز، تتفق معه على حيلة ليستعيد بها أرضه المطموعة، وتعتمد الحيلة على استغلال مراهقة ابن عزران المتأخرة، فتبدأ بينه وبين الفتاة اتصالات عبر الهاتف الجوال، ثم تصل القصة إلى نهايتها بعد أحداث طريفة.
يقوم علي صيرم بدور ابن عزران، ويتولى مع رفاقه من قرية الصوارمة (جنوب جازان 40 كم تقريبا) تجهيز الفيلم بقدراتهم المحدودة وطموحهم الجميل. ومن أجمل ما قدموه حكاية ابن عزران هذا، فيها شخصية واضحة المعالم، وفيها بناء معقول للحكاية، وفيها فوق ذلك مواهب حقيقية خاصة علي صيرم ورفيقه الذي قام بدور "دلكوم".
يعيب الفيلم طول مدته رغم إمكانية ضغطة لنصف المدة. صحيح هناك صعوبة في فهم اللغة لغير الجازانيين، لكن أرجو أن الآخرين يستمتعون بها وبطبيعة المكان واللباس واللهجة المحلية. وأتمنى أن يجد علي وزملاؤه الفرص الجيدة للمشاركة في الأعمال الدرامية السعودية.
عشاق التمثيل في جازان كثيرون، لكن الفرص معدومة أو تتطلب هجرة إلى مراكز الإنتاج الفني وهي هجرة لا تتيسر لهم.
علي وأمثاله امتداد لفنان شهير اسمه "سعيد منقود"، اشتهر في نهاية الثمانينات الهجرية، واختفى في أواخر التسعينات، كان يمارس هوايته في الأفراح والمناسبات، وفي بيوت الموسرين، فيقومون بتسجيله، وما زالت أشرطته تباع حتى اليوم، بل إن بعض عباراته ما زالت تجري على الألسنة حتى ممن لم يسمعوه أو يشاهدوه. لا أعلم أين هو الآن. سعيد منقود فنان حقيقي، يستحق التنويه به والتكريم.