تحدثت في مقال سابق عن تطور "التفحيط" كفكر لدى كثير من الشباب، فمنذ زمن ظهر ما يعرف بـ"الدرباوية"، وهذه الفئة تنتمي إلى مجموعة درب الخطر. وظهرت مجموعة أخرى تعرف بـ "الديك والدجاجة"، وغيرها من الفئات التي تظهر لنا كل يوم، ويتبع كل فئة أعداد كبيرة من الشباب، ويشجعونها، ويدعمونها. وحقيقة الأمر أن فئة " الديك والدجاجة " منتشرة بين الشباب بشكل كبير خاصة بين المفحطين، والسبب الرئيس في اختيار تلك التسمية هو أن المتعارف عليه في مجتمعنا أن الشخص الذي يخاف من الإقدام، أو فعل أي شيء غريب يطلق عليه "دجاجة"، وفي هذا المجال يتفق شابان على قيادة كل منهما لسيارته، أو السيارة المقدمة له من أحد المتابعين، والمشجعين، أو السيارة المسروقة بأعلى سرعة والتقابل وجهاً لوجه في حضور الجماهير، ومن يغير اتجاهه يطلق عليه "دجاجة"، وأما الشخص الذي لا يغير اتجاهه فيطلق عليه "الديك"، وكل يريد أن يكون هو "الديك"، والديك عندهم ليس مثل الدجاجة، وفي النهاية "كلها" دجاج سواء ديك، أم دجاجة.
وهنا أستغرب من تفكير هذه الفئة من الشباب، فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وكرمه، وميزه بعقل يفكر به، ويدله على الخير، ويجنبه الشر، ولكن تنازل أفراد هذه الفئة من المفحطين الذين يطلق عليهم " الديك والدجاجة " من مستوى الإنسان إلى مستوى الطيور( الحيوان ) التي لا تفكر، ولا تدرك بدرجة كبيرة ما حولها. وهذه الفئة تلقي بنفسها إلى الموت المحقق تحت مسمى الترفيه الخطير، وبدون مبرر.
ولا أعلم هل هي تبحث عن الشهرة، أم الشجاعة ؟ فأي شهرة، أو أي شجاعة تؤدي إلى الموت بهذه الطريقة ليست بشجاعة، بل هو تهور، ولو كان الموت في ميدان المعركة دفاعا عن الوطن ومقدراته لكانت هي الشجاعة، أو الشهرة الحقيقية.
ويقول البعض إن السبب الرئيس في توجه كثير من الشباب إلى ممارسة هذه السلوكيات وبعض الحركات غير الآمنة بالسيارات (تفحيط، وتفجير،...) لعدم وجود أماكن مناسبة لكي يقضوا أوقات فراغهم، وهنا أقول إنه في حالة عدم وجود هذه الأماكن لا يكون ذلك مبررا قويا لهم لقتل أنفسهم وقتل الآخرين، ومضايقة مستخدمي الطريق، والتسبب في حوادث لكثير منهم. وهنا أهمس في إذن كل شاب يعتقد أن ممارسة نشاط "الديك والدجاجة"، وينفذ أفكار هذه الفئة أن يكون في هذه الحالة "دجاجة" من البداية، ولا يكون "ديكا"، ولا يدخل في صراع الديكة، أو الانتحار بالأصح، وينجو بنفسه، ويسلم الآخرين من شره.
ومن يرى أن "التفحيط" بأنواعه المختلفة من أنواع الترفيه عن النفس فعليه أن يعيد حساباته، لأن ذلك غير صحيح بل هو من أساليب القضاء على النفس، أو الانتحار المتعمد. وهناك أنشطة مختلفة للقضاء على وقت الفراغ يمكن للفرد أن يمارسها، وتعود عليه، وعلى المجتمع بالنفع والفائدة مثل زيارة المكتبات العامة والقراءة، ومشاهدة برامج التلفاز الهادفة، وزيارة الأقارب، وصلة الأرحام، وتصميم برامج حاسوبية لمن لديه خلفيات عن الحاسوب واستخدامه، وتعلم اللغة الإنجليزية، والالتحاق ببعض البرامج التدريبية التي تتوافق مع ميوله وتطلعاته، وممارسة أنواع مختلفة من الرياضة بعيدا عن رياضة "التفحيط"، وغيره من السلوكيات الخطيرة.. حفظ الله شبابنا من كل شر.