بقوة دفعكم، والبطاقة المعنوية الهائلة من السخاء الذي تقفون به معي، سأبقى منحازاً إلى دولة القلم مهما كانت آلام الكتابة. أشعر ـ لكم جميعاً ـ بكل الشكر والتقدير والانتماء وأنتم تضعونني حيث وضعتم أنفسكم، على رأس كتاب هذا الشهر قاطبة في حجم التفاعل والتعليق والمشاركة.
أسهر نهاية كل مساء بين أسمائكم الجميلة، رمزاً كانت أم حقيقة. الكتابة من دونكم مثل المطر والسحابة على أعالي البحار: مجرد تسخين للماء ليعود إلى ملحه وأجاجه. أعدكم أن أكون الكاتب الذي لا يقف في منتصف الصف، بل على الطرف البعيد من نهاية المسطرة. أعدكم ألا أقف على منتصف الفكرة، لأنني لا أمسك (قلمي) من المنتصف. أعدكم ألا أقف في منتصف الطريق، لأننا بهذا نخذل الرسالة.
عشت حياتي، وفي مجملها، ضحية الصورة النمطية المغلوطة.. تزوير لكل الصفات. قتلوا بساطتي فحاولت تسويق (الصفة) بكثافة الانتشار، ثم اكتشفت أن بساطتي تكمن في العزلة. قتلوا ضحكتي القديمة المجلجلة فحاولت شراء البهجة بفتح كل النوافذ وتحطيم الأبواب ثم اكتشفت أن ثلاثة أفراد رقم يكفي لتبادل النكتة. قرأت تفاصيل العام الأخير من حياتي فاكتشفت المفارقة المدهشة، لأنني ولدت في ذات العام الذي اخترع فيه الغرب فكرة (طبق البيض)، فلا شيء يشبه أيامي وحياتي الرتيبة إلا هذا الطبق. نسخ مكررة من ذات الكارتون والبيضة. أنتم وحدكم أيها القراء الكرام، أيها المعلقون النبلاء من يكسر في نفسي هذه الرقابة. أنتم من يكسر طبق البيض على رأسي كل صباح ومساء ليشعرني بلون جديد. بأمل واعد وحب متجذر. أنتم من يكسر من حياتي طبق البيض ليشعر من بداخل البيضة بروعة التغيير. أنتم من أقرؤه بلا كلل أو ملل، وأنتم مصدر الطاقة الأخير الوحيد الذي أستمد منه العزم على البقاء والإصرار على النقاء. أنتم من يعطي قلمي كل الأفكار كي أهرب منكم، ومن أجلكم، إلى الفكرة النقيض المستفزة. أنتم من جعل الصف من حولي طويلاً يتعبني وأنا أهرب إلى نهايته، ليبقى ذلك الهروب متعة أكسر بها طبق البيض، لأنني مع قلمي ومع هذا الصف لا أبقى غداً في مكان خطوة اليوم الراحل.. شكراً لكم من الأعماق لكل هذه المتعة في حياة تكاد تخلو من المتعة. اكسروا كل ما بداخلي من طبق البيض كي........