يرتبط حجم الجريمة وفداحتها أحيانا بحجم ونوعية المجرم.. أي حديث عكس ذلك تبسيط للمسألة.. بمعنى آخر: التقليل من بعض الجرائم جريمة أخرى..
دعونا نقرّب المسألة: هناك فرق واضح حينما تقبض الجهات الأمنية - مثلا - على وافد يروّج المخدرات.. وبين منتسب إلى مكافحة المخدرات يروّج المخدرات.. الجريمة هنا مضاعفة وصادمة للمجتمع..
أيضاً لك أن تتخيل: لو أن موظفاً في هيئة مكافحة الفساد تم القبض عليه بجريمة الرشوة.. أو منتسبا إلى حرس الحدود تم ضبطه وهو يهرب المخالفين.. وهكذا تستطيع القياس كيفما شئت..
من هنا تأتي جريمة الداعية الذي ماتت طفلته ذات الخمسة أعوام تحت يده.. المجرم هنا ليس إنسانا عادياً.. بل شخص مؤهل، يعتلي المنبر، ويأمر الناس بالبر، ويوجه المجتمع.. وأي تقليل من جريمته هو جريمة أخرى.. وأي تبسيط للجريمة على اعتباره كغيره، جريمة أكبر..
لا ليس كغيره.. وكون الجريمة يرتكبها داعية أكثر فداحة من جريمة يرتكبها إنسان آخر..
هذه نقطة لابد من الانتباه لها.. ويجب التركيز عليها عند مناقشة الجريمة أو التعليق عليها..
النقطة الأخرى، هي ماذكره أحد مسؤولي الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الذي أشار للصحافة إلى أن الجمعية خاطبت الجهات المختصة قبل 8 أشهر بغية التحرك لوقف العنف الذي تعرضت له الطفلة طيلة تلك الفترة.. لكن - فيما يبدو - لم يتحرك أحد - رحماك ربي - كانت الطفلة ذات السنوات الخمس، تصرخ وتستنجد بنا لكننا مشغولون عنها.. لتلقى حتفها قبل أيام تحت تعذيب مجرم يرتدي مشلح الداعية.. بعد أن قام بتهشيم جمجمتها الصغيرة..
أسألكم بالله: ألسنا شركاء في هذه الجريمة؟ هل يرتكب مثل هذه الجريمة - أو يسكت عنها - شخص في قلبه ذرة من إنسانية؟!
اللهم لا تؤاخذنا بذنوب غيرنا، واسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين.