سأعترف لكم اليوم: أكبر كذبة كانت تنطلي علي هي أن التجمهر يعيق عمل الجهات الإسعافية.. كنت أصدق أن التجمهر هو العائق لسرعة إنقاذ المصابين!

لكنني اليوم على يقين أن للتجمهر فوائده الكبرى - والله أقولها جادا لا هازلا - حوادث كثيرة مررت بها أوصلتني لهذه القناعة.. يتجمهر الناس وينقذون المصابين قبل وصول الجهات الإسعافية بوقت طويل..

قبل أيام، توقفت على حادث مروري على أحد الطرق.. كان التجمهر يسد الطريق ويعزل الرؤية.. اقتربت من الحادث بفضول الصحفي، فلا حاجة لي ولا مقدرة وسط هذه الجموع البشرية.. وجدت مجموعة كانوا يحملون طفايات حريق ويطفئون السيارة المشتعلة.. مجموعة أخرى تنبه السيارات العابرة.. آخرون كانوا يخرجون المصابين ويبعدونهم عن السيارة.. مجموعة أخرى يجمعون الأغراض المتناثرة.. لم يكن هناك أي جهة إسعافية تذكر.. لا هلال أحمر.. لا أمن طرق.. لا دفاع مدني لا "حامض حلو"!.. كل الذين يتجمهرون في الموقع هم من عابري السبيل، الذين قاموا بالواجب على أكمل وجه.. وكنت أتخيل لو أن الكل ابتعد عن الحادث بحجة مخاطر التجمهر.. متى ستصل الجهات الإسعافية؟ وما الذي سيحدث للمصابين؟!

لاحظوا، نحن نتحدث اليوم عن التجمهر لأجل إنقاذ الناس.. وليس التجمهر من أجل التقاط الصور أو الفرجة المجانية..

بقي القول: شكرا لكل الذين يتجمهرون لإنقاذ المصابين وإسعافهم.. وليتنا بدلا من إضاعة وقت الوقت في التحذير من مخاطر التجمهر، نقدم للناس الدورات في الإسعافات الأولية ومكافحة الحرائق.. على الأقل يسترون النقص ويسدون العجز!