ما إن فاز المرشح الإخواني محمد مرسي بالرئاسة المصرية حتى ثارت حالة من الجدل بين الخبراء المصريين تجاه قدرة مصر على تحقيق النموذج التركي على الأراضي المصرية، وما إذا كانت بلادهم في طريقها لتصبح دولة دينية، مع ارتفاع المخاوف من محاولات بعض المتشددين على السير في طريق الملالي واقتفاء أثر النموذج الإيراني.
بداية يستبعد الكاتب الصحفي المتخصِّص في شؤون الحركات الإسلامية علي عبد العال أن تكون مصر في طريقها لتصبح دولة دينية، وقال "لا أعتقد أن فوز محمد مرسي يعني أن مصر صارت دولة الإخوان أو أن ما يجري حالياً يمثل تكريساً لهيمنة الإسلاميين وصعودهم، أو أننا أصبحنا على أبواب إقامة دولة دينية في مصر حسب مزاعم كثير من الكتاب، بل على العكس من ذلك فإننا الآن أمام دولة المصريين التي جاءت باختيارهم في أعقاب الانتفاضة الشعبية، ليحكمها واحد منهم كان قد خرج من سجنه في الأيام الأولى من الثورة". ويرفض عبد العال فكرة أن تتحول مصر إلى إيران أخرى، مضيفاً "مصر لن تكون كإيران، ولن يحكمها الملالي، إذ لم يقل الإسلاميون يوما إنهم يريدونها دولة لرجال الدين، خاصة أنهم لا يعرفون مثل هذا المصطلح لا في أدبياتهم ولا في تراثهم الفكري، وستثبت الأيام أن الإسلاميين في مصر لا يريدونها سوى دولة ديمقراطية عصرية حديثة، تأخذ بكل أسباب التقدم، لكنها في الوقت نفسه، دولة لا تعادي الدين، بل تحترم عقائد أبنائها، وتتيح لهم كامل الحرية لممارسة شعائرهم".
بدورها ترى الكاتبة الصحفية المتخصصة في الشؤون التركية نشوى الحوفي أن ما سيحدد قدرة مرسي على تحقيق النموذج التركي في مصر من عدمه هو مفهوم الدولة عند كل من الطرفين، فالتجربة التركية الدينية تختلف عن التركيبة الخاصة بجماعة الإخوان المسلمين، وقالت "أردوغان كان أحد النماذج التي كان يستشهد بها الإخوان على إمكانية نجاح التجربة الإسلامية، لكنه عندما أعلن عن رؤيته المؤيدة لعلمانية الدولة أثناء زيارته لمصر، لم تسعد تلك الرؤية الإخوان الذين رفضوا ذلك الرأي، بالتالي فإن مفهوم الدولة عند الجانبين هو الذي سيحدِّد قدرة مصر على المضي في طريق بناء دولة قوية". وأضافت "على مرسي أن يحدِّد مفهوم الدولة المصرية، وأن تكون هناك مصارحة مع الشعب حتى يكون عنصراً مشاركاً في سيادة الدولة، وأن يحدد أهدافه، وأن يجعل من مصر دولة للجميع، وأن يتيح المجال للأكثر كفاءة وقدرة بغض النظر عن دينه أو جنسه أو عقيدته الفكرية، وأن لا يحاول جعلها كما تقول أدبيات جماعته وسيلة لتحقيق حلم أستاذية العالم وإعادة دولة الخلافة، فلكل مقام مقال، ولكل عصر ظروفه. فإذا نجح في هذا كله، يمكن وقتها أن نقول بأن بوسعه تحقيق النموذج التركي على أرض مصر".