قيل إن (مصر المحروسة) ورثت (الروتين) من الأتراك وهؤلاء استنسخوه من الغرب.. ونحن أخذناه من الأخت الشقيقة.. وما زلنا نعاني منه تطويلاً بالإجراءات، وتسويفاً في الحلول.. وتضييعاً للوقت.
منذ سبعين عاماً ونيّف كتب المفكر العربي (محمد كرد علي) ما يلي:
(من أبشع ما أتت به النظم الغربية ما يُدعى بالطريقة القرطاسية.. أي تطويل المعاملات ونقلها من ديوان إلى آخر حتى يستوثق صاحب الشأن أن القضية لم يدخلها زغل، بالطريقة القرطاسية لا تحل مسألة في أقل من بضعة أسابيع أو بضعة أشهر.. وبالطريقة العادية يُبت بها بأقل من ساعة.. والحكومة المبتلاة بطريقة القرطاسية تضطر إلى الاستكثار من العمال).
إذن نفهم أن الأخذ بنظام المعاملات الورقية المعقدة يدور من موظف إلى آخر برتابة سلحفائية لا يحل مشكلات المواطنين ولا يسهّل أمورهم.. بل هو إهدار للمال العام وتعقيدٌ بالإجراءات.
في بداية عهد الملك المؤسس (عبدالعزيز) كان القاضي يجلس للمتخاصمين في غرفة أو تحت شجرة ويبت فوراً بالقضايا إما شخصياً أو بمعونة كاتبه وينصرف المتخاصمون قانعين بما أبلغهم من حكم وكل منهم يحمل وثيقةً كجناح الطائر.. وقس على ذلك ما كان حاصلاً بالدوائر والمصالح الحكومية بسهولة ويسر.. ومن غير المعقول أن نطالب بهذه المثالية بالوقت الراهن إذ تزايد عدد السكان وتعددت الأجناس.. مع قلّة الثقة وتعقد الإشكالات.. وتنوع الحيل والمكائد.
لكن الحاجة تدعو لمسايرة تطورات العصر بما يناسبها من التقنيات الحديثة.. كما طبقتها على سبيل المثال إمارة (دبي) بـ(الحكومة الإلكترونية) فلمسة زر تُغني عن ملف محشو بالأوراق وسلسلة من تواقيع عشرات الموظفين.
سألت أحد الأصدقاء من رجال الأعمال عن أسباب هجرته ونقل نشاطه التجاري إلى تلك الإمارة.. فعللها بسهولة التعامل وتبسيط الإجراءات والسرعة والإنجاز والتخلص من التعقيد والتطويل والتسويف واللف والدوران بين المكاتب لدرجة الملل والإرهاق.
أما آن لنا أن نُجاري العالم المتطور باستعمال ما وفرته التقنية.. فنخفف أعباء الحياة على المواطنين.. ونعالج التضخم الوظيفي.. ونحقق النقلة للعالم الأول؟!.
بلى إننا بعون الله تعالى قادرون على هذا وأكثر منه بما حبانا من قدرات وإمكانات.. وقيادة راشدة تسعى للأفضل دائماً ولا أدل عليه من خطوات الملك (عبدالله) الإصلاحية ومنها جامعته الفريدة من نوعها بمجالات الإبداع العلمي والعناية بالنابغين والموهوبين من أمم الدنيا.. لقد حان الوقت الذي يجب أن نقول فيه لـ (الروتين) وداعاً وإلى الأبد.