وقبل الخوض في تفاصيل الفكرة من العنوان بعاليه، قبولاً أو رفضاً، دعونا نفتح نقاشاً هادئاً، أعترف أنه يصعب أن (يكون) لأن القضية في الأصل مضطربة. هما السؤالان: الأول، هل ستشعر بالأمان والاطمئنان لوضع عائلتك مع سائق أم سائقة؟ وهو سؤال جوهري في مجتمع اعتاد (البطركية) الذكورية وهو لا يلام على هذا الاعتياد؟ الثاني، أيهما أقرب إلى الأمان من انتهاك المحظور الشرعي في اعتماد العائلة على السائق أو السائقة؟ وسنأخذ في الحسبان أن سواد المجتمع السعودي يرفض وجود المرأة السعودية في (مهن) بعينها، وعلى النقيض، يقبل المرأة الأجنبية إحلالاً في هذه المهن. هو يرفضها ممرضة أو مضيفة أو نادلة، وبالمقاربة هو يرفضها قائدة للسيارة، ولهذا طرحت العنوان (البديل) بعاليه.
والذين ينادون بقيادة المرأة السعودية للسيارة يتغافلون عن عاملين أساسيين: الأول أننا لن نشعر (لهن) بالأمان في شارع متوحش يحتاج (ترويضه) إلى أجيال من التربية والتضحية، والثاني، أن سواد القادرات على شراء السيارة هن في حدود الثلاثين من العمر، وفي هذه السن يبدو من الصعب بمكان أن تتعلم هذه المرأة قيادة السيارة وتلك حقيقة بدهية. وفكرتي أن السائقة الأجنبية قادرة على التكيف مع سلوك الشارع السعودي لأنه اعتاد على وجود المرأة الأجنبية في المهن المرفوضة. والفكرة الأخرى تكمن في تقليل حجم الخسارة الاقتصادية وحتى الثقافة المجتمعية بوجود امرأة واحدة تقوم بالمهمة المزدوجة: سائقة وأيضاً عاملة أو مساعدة منزلية بشيء من (العقد) الجديد الذي يتم الاتفاق عليه. هنا سنختصر عشرات التفاصيل المؤرقة في حياتنا اليومية. وبالبرهان والإحصاء، فإن جنح السائق في حياة العائلة السعودية تبلغ أضعاف جنح العاملة المنزلية رغم تركيز الإعلام على جنح الأخيرة. ذلك يعود لأن المجتمع المحافظ يركز على جنح المرأة مثلما يبلع على مضض جنح الرجل ويجعلها من أسراره الجوهرية. وعلى العموم، سأعترف، أنني لا أملك نبوءة مستقبلية لما قد سيحدث من تبعات تطبيق المقترح بعاليه وحتى في الزاوية الاجتماعية أو الاقتصادية، فهذه المسألة تحتاج إلى أبحاث المتخصصين. هي فكرة قابلة للنقاش وللقبول والرفض.