من الحتميات التاريخية في كل زمان ومكان وزمكان ومكزان: أن معظم الناجحين الذين أجروا عمليات جراحية تجميلية معقدة لوجه الدنيا كانوا مختلفين مخالفين لكل مقاييس النسق: فلم يكونوا من أبناء الذوات، ولم يكونوا أغنياء، ولم يكونوا ذوي شهادات عليا مزورة! فكيف بمن لا ذنب له إلا أنه ولد مغلفاً بجلد أسود سميك يحجب رؤية أشد الناس بصيرة كالفلاسفة؛ حيث ترى الفلسفة اليونانية القديمة ـ قديمة عندهم لكنها عندنا ما زالت "طااااازة" ـ أن أبناء آدم الأصيلين ـ فهو أسود البشرة ـ ليسوا سوى آلات عضلية تتحرك حسب تفكير شقيقهم الأبيض غير الأصيل؛ لأنه طالع لأمه! ويزعم كثير من المؤرخين أنه ليس للجنس الأسود إسهام حضاري فكري يذكر، وأما الأمثلة الفردية فليست إلا حبة "خال" في "صحن مرمر" كما يقول الزميل/ "ناظم الغزالي"!
ومن أشهر حبوب الخال عندنا: الزميل/ "عنترة بن شداد"، وإنما يعود خلوده للشعر وعشقه ابنة عمه الزميلة البيضاء/ "عبلة مالك"! ولو كانت من قبيلة أخرى أو لم تكن ابنة عمه "لزم" فهل كان يحلم أن يتزوجها؟ أما الشعر فرغم افتخارنا العريق به إلا أنه مرذول في الواقع! وكيف تفخر بشيء مرذول أو تحتقر مفخرة هي الكبرى لك، فذلك "تناقض ما لنا إلا السكوت له" كما يقول الزميل/ "أبو العلاء"! وهي ثقافة تمتد منذ وصف نسق الكفر القرآن العظيم بأنه "قول شاعر" إلى أن يقول/ "خلف المشعان":
حنا إذا عدوا هل الطيب ننعد * ولا الشعر حتى الحريِّم تقوله!
وضع تحت "الحريم" سكك الحديد كلها بما فيها "المشاعر"؛ لتعرف من المسؤول عن التزاحم والافتراش وصدام "البعارين"!!
ثم أضف نظرية عمنا/ "طه حسين" في "تزوير الشعر الجاهلي" تجد أنه لم يبق من "عنترة" سوى أسطورة ظلت تتنامى على ألسنة "الحكواتية" وقد انقرضوا، فلم يعد يعرف "عنترة" الحقيقي أحد ولا أربعاء؛ حتى "الثور" الذي هرب منه قائلاً: "من يفهم الثور أنني عنتر"؟
أما حبة الخال الشرقية الأعظم فهي الأستاذ/ "كافور ابن "No body" الإخشيدي"! وهو زعيم أوحد لمصر المحرومة... ياخبر؟ المحرووسة في حقبة "الطاسة ضايعة" ـ ومن يجدها يبلغ أقرب مخفر ـ حكمها عشرين عاما وصيا وانفرد بحكمها قرابة العامين ببيعة شعبية عامة! وقد أقام خلال هاتين الفترتين العدل والاستقرار بحنكة إدارية قل مثيلها في التاريخ الشرقي، وكان يشهد مائدته كل ليلة سكان القاهرة جميعاً! و"عشان كدا إحنا اخترناه" ـ رغم أنف "أبي الطيب الكذاذيبي" ـ نموذجاً للعصامية الفذة؛ إذ خطفه تجار الرقيق من "النوبة" ولم يشتره أحد لقبح منظره وإصابته بمرض جلدي؛ حتى تبناه الشريف/ "ابن وهب" وعلمه ورباه وقدمه هدية للإخشيد/ "محمد بن طغج" الذي كان هو الآخر مملوكاً ولكن أبيض!
فإن وصلت في المقالة إلى هنا، فسنتحدث "الاثنين" عن حبوب الخال هناااااك بعيييييييد!