بعد علاقة دامت 26 عاماً بين العم عبدالحكيم وسيارته (العراوي 84) قرر بيعها بسعر اليورو؛ ليشتري له ولجدته سيارة أوروبية فاخرة (موديل 2010) ليعيشا حياتهما ما لم تعجل بأجلهما إحدى الشركات الوطنية لمكافحة السلامة.

ففي أول نزهة لهما في سيارتهما الفيراري، اصطدما بعدد من البراميل وأكوام البطحة التابعة لمخلفات شركة (أبو غفوة لرصف الطرق العامة).. ولكن بحمد الله، سلم هو وجدته؛ حيث كان قد ربطها بالحزام حتى كاد يعصرها.

في اليوم التالي قررا استخدام الشوارع والأزقة الداخلية للمدن والقرى؛ فاتفقا على أن يهتم هو بتحاشي مخلفات البناء المهملة، بينما تهتم جدته بإحصاء عدد الحفر؛ لكنهما وقعا ـ فجأة ـ في حفرة تابعة لشركة (أبو كيبل للحَفر والترصد) فقرر أبو الحِكم ـ بتوجيهات عليا من جدته ـ رفع دعوى قضائية ضد الشركة لتعويضه.. وبعد شكاوى وتظلمات؛ خرج أبو الحِكم من الحفرة بلا حمص؛ حيث تبرأت منه ومن سيارته جميع شركات التأمين والسفلتة والمياه والهاتف؛ بمباركة من الرعاة الرسميين في المجالس البلدية؛ فاضطر لبيع بقرته الحلوب، مع شاة تعود ملكيتها لجدته، ليتمكن من تسديد تكاليف إصلاح سيارته بنفسه.

مرة أخرى ربطا حزاميهما، وخرجا للتسوق، فخبطا بعيشتهما في عددٍ من الحواجز الخرسانية تابعة لشركة (أبو ركبة للصيانة والإهمال).. لكن أبا الحِكم رأى عدم رفع دعوى قضائية؛ لعلمه بعدم وجود قانون يحميه، أو يُصلح له سيارته على الأقل؛ فرأى ـ هذه المرة ـ أن يبيع ثوره الوحيد، مع بقايا نعجة كان قد ورثها عن أبيه.. في حين لم يسجل عليه المرور أيّ نسبة للخطأ غير خطأ واحد فقط، هو: عدم تكافؤ النسب.

وفي رحلتهما الأخيرة ربطا حزاميهما من جديد وخرجا ليلاً لحضور حفل زواج أحد أقاربهما؛ إلا أنهما اختفيا ولم نسمع عنهما أي خبر حتى اللحظة.. نسأل الله أن يكونا بخير.

قال أبو الحِكم قبل اختفائه:

"من حفر حفرة لأخيه المواطن وجدني فيها".

عفواً، خبرٌ عاجل: عُثر على الصندوق الأسود لسيارة أبي الحِكم؛ وبفحصه سُمِعت آخر كلمات له وهو يردد: بالروح بالدم نفديك يا بلديات.. بينما كانت آخر كلمات جدته: الله يهديك يا أبو الحِكم، قلت لك الحفر منتشرة في كل مكان ما عدا سطوح المنازل؛ فلو أحيانا الله، نروح نتمشى هناك!