يمسك بعضنا من المتحدثين والكتبة والإذاعيين برقاب بعض الألفاظ تجنباً للوقوع في مغبة الاستعمال الخاطئ، والتركيب غير الصحيح، والخروج عن مقتضيات المعنى، رغم أن تلك الألفاظ محل خلافات نحوية ومطلب عسير حتى على المتخصصين ومجامع اللغة العربية، سئل عبدالملك بن مروان عن مداهمة الشيب لرأسه فقال: "شيبتني مواقف الخطابة وتوقع اللحن" ومن أشهر الكلمات المتداولة في لغة الإعلام كلمة "رئيسية" حيث يكثر نسبها فنقول "قضية رئيسية" "متحدث رئيسي" وقد حكم بتخطئتها بعض علماء اللغة على أساس أن كلمة "رئيس" نفسها صفة مصوغة على "فعيل" وليس من المعروف عند العرب إضافة ياء النسب التي تفيد الصفة إلى ما هو صفة فعلاً، وحينما عرض الأمر على مجمع اللغة العربية بالقاهرة انقسم الرأي حوله بين مؤيد ومعارض، كما يقول الدكتور أحمد مختار، وانتهى المجمع إلى حسم الخلاف في صورة قرار يقول: "يستعمل بعض الكتاب "العضو الرئيسي" أو "الشخصيات الرئيسية" وينكر ذلك كثيرون وترى اللجنة تسويغ هذا الاستعمال بشرط أن يكون المنسوب إليه أمراً من شأنه أن يندرج تحته أفراد متعددة" وممن دافع عن كلمة "رئيسي" فوزي الشايب في مقال له بمجلة مجمع اللغة العربية الأردني ومن أبرز حججه: أن النسب إلى الصفة وارد في كلام العرب وفي القرآن الكريم كقوله تعالى: "أأعجمي وعربي" حيث نسب لفظ أعجم وهو صفة مشبهة، ومما ورد عن العرب كذلك "حنيفي وظاهري" كما أن من النحاة من أجاز النسب إلى الصفة فكلمة "رئيسي" وردت في كلام للقلقشندي صاحب صبح الأعشى وهو قوله: "وأما استيفاء الدولة فهي وظيفة رئيسية". كما يتجنب بعض المتحدثين والإعلاميين كلمة "منتزه" ويقول "متنز " وقد خطّأ بعضهم استعمال الأولى واستبدلها بالثانية وقال بصوابها، لأن المتنزه مشتق من تنزه، ولم يدر ببالهم أنها من انتزه التي استعملها ابن الأثير بمعنى تنزه في كلامه عن حماد حين قال: خرج عام 417هـ من قلعته منتزهاً فمرض ومات" كما روى العدناني في "معجم الأغلاط اللغوية المعاصرة" ومن الفعل انتزه اشتق المنتزه، وهو مستعمل كثيراً بمعنى مكان النزهة وقد ذكر ذلك "معجم فصيح العامة" لمؤلفه أحمد أبو سعد حيث ذكر صاحب "التاج" أن "السغد بسمرقند أحد منتزهات الدنيا، ووادي الطلح من منتزهات الأندلس" ومنه قول الشاعر أسامة بن منقذ: فكلها لمجال الطرف منتزه وكلهم لصروف الدهر أقران. كما نقرأ في إعلانات النعي قولهم "المرحوم" وتضاف لها عبارة بإذن الله، بينما أجاز فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين في فتاويه لفظ "المرحوم" فقط لأنها من باب التفاؤل والرجاء وليس من باب الخبر.