هو مثلي، ويشبهني في التأويل الاجتماعي وفي تفاصيل الرؤية لجدول الحياة، مع الفارق الذهني الهائل في القدرة والطموح، وفي الاستعداد الذهني للمهمات الكبرى من مسؤوليات الحياة. هو مثلي، ويشبهني، في رفض قيود العقل، وأيضاً في حب الفوضى وكراهية الدقة في التفاصيل. هو مثلي حتى في دعوة (أنسابه) للعشاء في ليلة الزحمة الهائلة، وكأن العام خال من الليالي التي كانت خارج التغطية. باراك حسين أوباما: خليط من كل شيء.
فسيفساء جاءت من التكوين الذي يأخذ قطعة من كل قطعة بشرية على هذه الأرض. هو أنا في حب (البسطة) والسعة والفراغ والدعة. هو أنت، البسيط الذي جاء من جذور الفقراء والمحرومين والمشردين: مدمن الماراونا الذي حاز على إجازة القانون العليا من هارفارد ويحكم (أم العالم) لفترتين.. هو الألق الخارق لجون كندي، مثلما هو اللسان المفوه لمالكوم إكس، مثلما هو عشرة أضعاف مارتن لوثر كنج. هو خلاصة كل ما قرأته في حياتي من عباقرة السيرة الذاتية. هو الاستثناء المدهش لكل هذه القرون المليئة بالحروب والإقصاء والعنصرية.
هو المزيج الذي لا يرقى إلى الكمال، لأنه يكتفي من كل المكون البشري بنزر شارد من شخصية الفرد. هو الأميركي من أم بيضاء. الأفريقي من أب اكتفى منه بليلة اللقاح. هو الكيني الذي تلمحه في تفاصيل الوزن والسرعة، مثلما هو الإندونيسي الذي تقرأ فيه ملامح الهدوء والصبر.
هو باختصار: كل الخطأ البشري في الإرث والعرق والنشأة والبداية والجنح، ولكنه، بكل الاختصار، أيضاً، كل الخوارق الإنسانية التي تستطيع تطويع الخطأ الكامل إلى نجاح مكتمل.
باراك حسين أوباما: هو الذي يشبه كل فرد على هذه الأرض ولكن: من المستحيل أن يشبهه أحد. هو الأبيض والأسود. هو المسيحي والمسلم. هو الأفريقي والأميركي. هو الآسيوي مثلما هو – اليانكي -. هو أنا وأنت بكل ما بيننا من الاختلاف والتناقض. هو كل الفوضى، مثلما هو ذروة الانضباط. هو الذي كان بالفطرة مجرد حامل (أمتعة) في فنادق النجوم الخمسة، ليصبح بالإصرار والعلم والطموح (متعة) هذا العالم وذروة سنام التحدي البشري للتكوين والإرث والعرق والفطرة.