د. عبدالرحمن محمد البريدي

استشاري متخصص بالتنمية


مما لاشك فيه أن حكومتنا الرشيدة عندما بدأت بمشاريع الانفتاح الاقتصادي وبرامج التخصيص قامت بإنشاء عدد من الهيئات الحكومية ومنها هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وهيئة المياه والكهرباء وهيئة الطيران المدني ......إلخ من الهيئات الأخرى والغرض من هذه الهيئات هو تنظيم هذه القطاعات والحد من الاحتكار وخلق بيئة جذابة للاستثمارات بقطاع الاتصالات، والمياه، والكهرباء.

وخلق التنافس بين الشركات والمؤسسات من خلال توفير هذه الخدمات بسعر منافس يناسب كل فئات المجتمع، وتقديم خدمة مميزة ذات جودة عالية، وأداء هذه الهيئات يختلف من قطاع إلى آخر، وكل ذلك يعتمد على القطاع ذاته وإجراءات الحكومة بتحرير القطاع.

فعلى سبيل المثال قطاع الاتصالات منذ إنشاء الهيئة ودخول أكثر من مستثمر بالقطاع نجد أن الاحتكار قد تلاشى وبدأت الخدمة والأسعار في تحسن مستمر بفضل سياسة الانفتاح والتحرير التي أحدثتها الحكومة، وسوف نرى - إن شاء الله - عند تحرير قطاع الكهرباء أكثر من شركة سواء للتوليد أو التوزيع أو النقل، وفي قطاع النقل الجوي سنرى أيضاً أكثر من شركة سواء في الطيران أو خدمات الشحن أو الخدمات الأرضية أو التموين.

ومن خلال هذه المقدمة عن تحرير القطاعات المذكورة أعلاه، وكيف أن الهيئات المعنية تهتم بالعميل سواء المواطن أو المقيم وتحمي حقوقه وتمنع الاحتكار، ولكن هناك نوع آخر من التحرير ألا وهو قطاع التعليم الخاص، ولكن مع كل ذلك ومع وجود إدارة مستقلة تهتم بالتعليم الأهلي والأجنبي بوزارة التربية والتعليم، لم نجد لها أي دور يذكر.

حيث لا يخلو شارع من شوارع مدينة الرياض- على سبيل المثال- إلا وتوجد به مدرسة أهلية أو خاصة أو أجنبية سواء تدرس المنهج السعودي أو الأجنبي. حيث تجد معظمها بمبانٍ غير مهيئة لا من الناحية الصحية أو التعليمية أو الاجتماعية أو الأمنية ومع ذلك يطلق عليها مدرسة خاصة. كيف تكون مدرسة خاصة وهي بمبانٍ مستأجرة؟ المدارس الخاصة بالدول المتقدمة تكون على شكل مجمع تعليمي نموذجي روعي فيه كل نواحي التقنية الحديثة التي يحتاج لها الطالب بكافة المراحل، وتجد بالإضافة إلى ذلك تقييماً مستمراً للمنشأة وطريقة التدريس كل ثلاثة أشهر، والتقييم لا يغطي جانباً ويهمل جانباً آخر بل يشمل كافة النواحي، أين التقييم بإدارة التعليم الأهلي والأجنبي بالوزارة؟

ثم نجد مدارسنا الخاصة فجأة وبدون مقدمات تزيد الرسوم عند نهاية كل عام دون مبرر، ويقولون لك اسحب الملف إذا كنت لا ترغب بالاستمرار، ولا أعلم سبب رفع الرسوم مع العلم أن أسلوب التعليم كما هو ولم يتغير، وهم يقصدون برفع الرسوم إجبار أولياء الأمور على التسجيل لأنهم يعلمون أن أغلب المدارس يوجد لديها نظام الحجز المبكر؛ إذا لم تسجل يعلمون أنك لن تحصل على مقعد بمدرسة أخرى، أليس هذا نوعاً من الاحتكار واستنزاف جيوب أولياء الأمور؟

وهناك بعض المدارس الخاصة تفرض على الطلاب زياً خاصاً للمدرسة، وهذا لا مانع فيه ولكن بعضهم يفرض عليهم الشراء من المدرسة، وتجد بعضهم يقوم بتصنيع هذا الزي بدولة مجاورة من القطن الرديء، مع العلم أنه يوجد لدينا مصانع فاخرة للملابس الموحدة وبأسعار زهيدة.

أيضا هناك بعض المدارس تفرض رسوماً إجبارية على الأنشطة مع العلم بأنها من ضمن الرسوم المدرسية، وكذلك هناك مدارس لا يوجد فيها مدرس سعودي واحد وتحصل على الدعم الحكومي، ومع ذلك الرسوم الدراسية مبالغ فيها. وهناك مدارس تطلب من الطلاب تصوير البرنامج الأسبوعي مع العلم أنه من ضمن الرسوم، أليس ذلك يزيد التكاليف على أولياء الأمور؟ ثم إنك تجد مدارس تملك مكتبات والبعض الآخر لديه علاقات ببعض المكتبات تجبر الطلبة للذهاب لهذه المكتبات وشراء الكتب من عندهم، مع أن بعض المقررات يتم تصويرها (أين حقوق الملكية؟).

وبعض المدارس ترتب لحفلات التخرج بمبالغ كبيرة، مع العلم أن سعر زي التخرج قد يصل إلى مئة ريال إذا بالغنا بذلك، أليس ذلك يزيد الضغوط المالية والنفسية على أولياء الأمور؟

أعلم أن هناك عدداً من ملاك هذه المدارس من أبناء هذا الوطن من أهل الخير لا يعرفون معاناة أولياء الأمور ممن يديرون هذه المدارس، وقد تجد بعضهم بعيداً كل البعد عن التربية والتعليم ولا يعرف إلا كيف يجمع المال وليس لديه المؤهلات المناسبة.

نحن بحاجة لدور فاعل من إدارة التعليم الأهلي والأجنبي بوزارة التربية والتعليم بإعادة تقييم هذه المدارس وإبعاد غير المؤهلين عن إدارتها، والحد من زيادة الرسوم واحتكار المدارس للكتب والزي المفروض على الطلاب وأولياء أمورهم وحفظ حقوق الملكية. ولابد من اتخاذ إجراءات صارمة لذلك.