لم تكن المرأة العربية بمعزل عن كل التحولات التي طرأت على الدول التي مر بها تسونامي الربيع العربي، بل قد تكون هي الأكثر إثارة للجدل، كما هو الحال معها دائما، حيث تبدو الملامح الفكرية واضحة لكل فريق عندما تتعرف على كيفية تعاطيه مع المرأة في كل الأوضاع والظروف، ففي مصر، تحولت المرأة التي لا تؤمن بتوجهات البعض إلى شيطانة تتم ملاحقتها قضائيا ودينيا، عن طريق النبش في ماضيها والبحث عن أدلة إدانة في تاريخها، بدا ذلك جليا في تتبع بعض الممثلات والراقصات من قبل بعض الدعاة والمحامين، وقذفها بأبشع وأشنع الألفاظ والتهم عبر الفضائيات وتحت سمع وبصر الجميع، غاضين الطرف عن تعاليم الإسلام التي تدعو إلى المناصحة سرا، وتغليب جانب التهذيب بعيدا عن فحش القول. وغريب بالفعل أن يطغى هذا الجانب في التعامل مع المرأة في مصر متعددة الطوائف والأديان.
أما في تونس فهم لم يؤثروا النبش في ملفات الماضي وملاحقة الممثلات والراقصات كما حدث في مصر، بل كان التوجه إلى رسم خارطة جديدة للحاضر والإعداد لمستقبل مختلف تتغير فيه صورة المرأة التونسية التي قطعت أشواطا بعيدة في الحصول على حقوقها، ومشاركة الرجل في الحياة العامة، فعلت بعض الأصوات التي تنادي وتروج لتزويج القاصرات، على اعتبار أن المسلمين الأوائل زوجوا الفتيات في سن صغيرة، كما تدعو إلى إعادة النساء إلى خانة ملك اليمين المعمول بها في العصور السابقة، وطالبوا بإقرار قانون يجيز للرجل التونسي أن يحصل على زوجة وجارية تحت مسمى (ملك اليمين)، لنجد أنفسنا نعود إلى عصور الحريم بهذه الدعوة، والتي قادها رئيس أحد الأحزاب التونسية.
وعادت المرأة التونسية أو وجدت نفسها مجبرة بعد إحساسها بالخطر على العودة إلى المربع الأول، في الدفاع عن نفسها والمطالبة بحقوقها، حيث وجدت في مثل هذه الدعوات، خطوات رجعية تعود بالمرأة خطوات إلى الوراء.
وعلت الصيحات المغرضة، التي تأخذ ما حدث في تونس ومصر دليلا قويا على ارتباط الإسلام برجعية المرأة ومسؤوليته عنها وهو من ذلك براء.