يحق للرئيس محمود عباس أن يتنازل عن بيته وأرضه الخاصة في صفد، بصفة شخصية، ويمكن أن يهبه لمن يشاء، كما يمكنه أن يزور صفد، أو لا يزورها. هذا أمر يهمه وحده.

ولكن ـ قطعا ـ لا يحق له أن يجبر ابنه، أو ابن ابنه، أو أي فلسطيني في صفد وغيرها من المدن الفلسطينية، على التخلي عن أرضهم ومفاتيح منازلهم القديمة التي لفها الصدأ، كونها تسكن بمخيلة ملايين الفلسطينيين في عكا وحيفا ويافا والقدس.

لم تستطع لا عوامل الزمن ولا الجغرافيا ولا السياسة إفناء هذا المفتاح، ولا استطاعت كل المؤامرات التي حيكت ضد هذا الشعب المقهور أن تغير قيد أنملة من قناعاته، بأن الدار والزيتونة وشجرة الليمون، ما زالت تدعوه للعودة.

لم تستطع الاتفاقات، من تحت الطاولة ومن فوقها أن تنسي من خرج طفلا من منزله، ومسقط رأسه، أو أن تمنعه من الاستفاضة بالحديث في مناطق الشتات، عن البستان والدار والمدرسة، والرفقة من جميع الجنسيات عندما كانت فلسطين مقصد من يسعى إلى العمل.

الفلسطيني لم يكن عنصريا في يوم من الأيام، مع أن المؤامرات حيكت ضده منذ أن وطأ الاستعمار البريطاني أرضه، لا بل يمكن القول إن التاريخ يعود لأبعد من ذلك. حسنا فعل أبو مازن وعاد إلى ذاكرته الوطنية كفلسطيني من صفد لا يريد رؤيتها فقط، بل العيش فيها.. ولو بعد حين.