"العلاقات السعودية الإسبانية تجاوزت الصداقة، وباتت علاقة شراكة استراتيجية"، بهذه الكلمات المختصرة لخص ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز العلاقة التي تجمع الرياض بمدريد خلال زيارته الأخيرة في مايو الماضي للبلد الأوروبي صاحب الإرث الحضاري والتاريخي.
دائما ما تكون المملكتان السعودية والإسبانية، على وفاق بكافة قضايا المنطقة، بفضل العلاقات الشخصية التي تربط بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والملك خوان كارلوس. ولعل تطابق وجهات النظر ومواقف البلدين، من أهم العوامل التي أسهمت في ترسيخ العلاقة المتينة التي تجمع بين بلاد الحرمين وبلاد الأندلس.
لعبت كل من مدريد والرياض جهودا مشهودة في عملية السلام بمنطقة الشرق الأوسط بغية إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي الذي لا يزال هاجسا مؤرقا وعبئا على المنطقة.
ففي العام 1991، كان لإسبانيا أن أطلقت مؤتمر مدريد للسلام، والذي تمخض عنه مبدأ "الأرض مقابل السلام"، وهو أحد أهم مرجعيات قضية النزاع العربي الإسرائيلي، قبل أن تعلن الرياض بدورها عن مبادرة أجمع عليها العرب في بيروت العام 2002، لتصبح أساسا للتسوية الشاملة والعادلة والدائمة، مبنية على قرارات الشرعية الدولية يأتي في مقدمتها القراران 242 و383.
ومن كل ذلك، يرى المراقبون، بأن العلاقات بين الرياض ومدريد، تجاوز بها الملكان السعودي والإسباني، المصالح المشتركة بين البلدين، لينصب جل اهتمامهما على إنهاء صراعات العالم.
وفيما سعى تجار الأزمات، وخصوصا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، إلى خلخلة المجتمعات البشرية على أسس دينية وإثنية ودق الأسفين في النسيج البشري، عملت كل من مدريد والرياض على تفويت الفرصة لمن يضمر السوء للمجتمع الإنساني، حيث وقفتا خلف جهود عملت على تعزيز تحالف الحضارات والحوار بين أتباع الديانات.
الرياض من جهتها وقفت خير داعم ومعين لمبادرة رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو حول تحالف الحضارات التي أطلقها خلال الدورة 59 للجمعية العامة للأمم المتحدة، لانسجام أهدافها مع الدعوة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الداعية لإدانة فكرة الصدام بين الحضارات وأن يحل محلها فكرة التعايش السلمي وأهمية خلق قنوات التفاهم ما بين الشعوب، قبل أن يترجم ذلك عمليا بمؤتمر عالمي عقد برعاية خادم الحرمين في العاصمة الإسبانية في يوليو من العام 2008 للحوار بين أتباع الديانات، دعي له 200 شخصية عالمية من مسلمين ومسيحين ويهود.