القضايا العالقة التي يظل مصيرها مبهما وغير واضح لا يعني أنه تم نسيانها بقدرما تم تجاهلها، فهي تكون على قدر كبير من الأهمية لمن تشكل لهم قرارا مصيريا أو تغييرا حقيقيا وجذريا في حياتهم مثل انتظارنا الطويل لاعتماد قرارات تجرم العنف ضد الطفل، وقرارات تقر بحقوق المطلقات، هذه توقعاتنا والتي نتطلع لها من الأعضاء الموقرين في مجلس الشورى. ونُقَدِّر حجم المهمة التي على عاتق المجلس وأعضائه في فتح ملفات القضايا والمتطلبات الوطنية والاجتماعية على نحو يتناسب والصورة الذهنية لمجلس الشورى الذي سيكون المواطن والمواطنة محوراهتمامه الأول، ونأمل أنه ينظر لنا بالطريقة نفسها. وحينما نتحدث عن احتياجات النساء فإننا بالتأكيد نتحدث عن تطلعات نصف المجتمع.

مجلس الشورى في اليومين الماضيين كان حافلا بتصويت أعضائه بخصوص الإلزام ببطاقة الهوية للمرأة خلال السنوات القادمة واعتمادها رسميا . المجلس الموقر جزء من المواطنين ونشكر للمجلس هذه الالتفاتة من أعضائه الذين يدركون تماما معنى التصويت على قرارات مصيرية أو تنفيذية تتعلق بحياة النساء في مجتمعنا ولا شك أن تصويت المجلس على قرار الإلزام ببطاقة الهوية كان من القرارات الحكيمة التي تخدم المرأة في الوقت الذي تسود فيه عادات اجتماعية متخلفة كانت ومازالت سببا في جدل هوية المرأة حتى بعد مرور سنوات على إقرارها فقد جاءت الدعوة للإلزام بالهوية؛ لتقفز عن واقع اجتماعي شديد التعقيد، الأمر الذي أثار ضجة عدائية واسعة ضد كل من يساند هذه الدعوة بحجة حرمة وجه المرأة التي هي في حقيقتها حجة لتحجيم دورها في الحياة.

هناك آمال تتطلع لها المرأة تأمل في الإسراع في جعلها واقعا كما ذكرت سابقا وما الذي لا يجعلها واقعا؟! وما محصلة برامج مجلس الشورى فيما يخص المرأة بشكل مصيري إذا ما استثنينا تصويتهم على الإلزام بالهوية الوطنية مرفقة بصورة المرأة؟ ولماذا يشرع الباب لسنوات سبع حتى يتم الأمر أو يقتنع بعضهم بأهمية الهوية الوطنية للمرأة؟ ما مشكلة النساء والوقت في قوانيننا وأنظمتنا؟ أذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر الشرط التعسفي للبنك العقاري الذي يشترط أن يكون مضى سنتان على طلاق المرأة حتى تتمكن من الحصول على قرض . ليس من مسوغ للانتظار لسنوات طويلة حتى يتم الأمر حيث تصبح كل امرأة تمتلك هويتها الوطنية باعتبارها مواطنة لها حقوق وعليها التزامات وليست مجرد مواطن على هامش الوطن، فبات الأمر هنا ضرورة لأنها ثغرة أمنية قانونية لا يتم حلها إلا بإعطاء المرأة حقها الكامل في إثبات هويتها ويكون الأمر إجباريا منذ أن تدخل سن الثامنة عشرة.