محمد فراج الشهري

عقيد متقاعد


فقدت المملكة رجلا عظيما من رجالاتها العظام.. رجلا نذر نفسه لخدمة دينه ثم مليكه ووطنه وأمته.. نايف بن عبدالعزيز الطود الذي تكسرت تحت مظلته كل أساليب العبث والإرهاب.. فهو الذي أمضى جل عمره في خدمة الحج والحجاج وجعلهم يؤدون الفريضة في أمن وأمان.. نايف بن عبدالعزيز الذي دعم أعمال الخير في كل شبر من أراضي الوطن.. جند نفسه لخدمة العلم والعلماء والمؤسسات الدينية ووقف إلى جانبها وهيأ لها سبل العمل دون كلل أو ملل.. خدم الأمن العربي وساند قضاياه وكان مستشاراً أمينا للأمن العربي، نذر نفسه لخدمة وطنه والعروبة والإسلام بشكل عام، لم يتوان يوماً من الأيام في دعم مسيرة خير.. يصغي بكل أريحية لكل من يصله ويطلب مشورته.. يقف مع المظلوم، يتابع أحوال الضعفاء والفقراء.. كثير السؤال والمتابعة عن أحوال أبناء شهداء الوطن وأهاليهم ويلبي احتياجاتهم، ينظر إلى من يصل إلى مجلسه بعين الود والاحترام ويسعى جاهداً لتفهم أي موضوع يصله.. لا يستعجل في اتخاذ القرارات.. يعرف ماذا يقول وعم يتحدث.. أدرك بحنكته كثيرا من الأمور التي طرأت في الأعوام الأخيرة وعالجها بكل احتراف وترو ورشد..

كان سبباً رئيسياً في ما وصلت إليه المملكة من أمن واستقرار في الوقت الذي يشهد فيه العالم شرقه وغربه أحداثا غير مستقرة وخطيرة.. كان ـ رحمه الله ـ نير الفكر، واسع الخيال، ذا نظرة ثاقبة للأمور المهمة.. صاحب قرارات مدروسة وخطواته لا يربكها الزمن ولا تؤثر فيها الأحداث سلباً، بل كانت تزيده قوة لعمل ما هو مفيد لوطنه ولأمته.

نايف بن عبدالعزيز عمل بهدوء ورحل بهدوء بعد أن أضاء لنا شموع الأمن والأمان في كل مكان.. والمملكة والعالم العربي والإسلامي لن تنسى لنايف الخير والعطاء ما قدمه طوال السنوات الماضية من عمل مثمر وخطوات راسخة وبصمات لن يمحوها الزمن، وسيبقى نايف في ذاكرة الأمة أعواما واعواما، ولم ولن يغيب عنا، بل هو معنا في كل خطوة نخطوها، فقد كان روح الأمن وسراجه وعين الوطن الساهرة والجندي الصبور المثابر والمحنك البارع وصاحب النفس الطويل والقدوة المثالية في رجال الأمن.. لن ننساك يا نايف الأمن يا رمز السلام.. ستبقى أعمالك خالدة وستبقى ذكراك عطرة في قلوبنا وستبقى نبراسا للحق والعدالة.. ستذكرك الأجيال جيلا بعد جيل ولن ينساك حجاج بيت الله، من كان ومن بقي، سيجدون ذكراك في كل مكان من الأماكن المقدسة..

الخير لن ينقطع بإذن الله والرجال الأوفياء سيقومون بالواجب كما كان يقوم به، رحمه الله.. والدعاء من كل الوطن والمواطنين كبارا وصغارا، نساء ورجالا، أطفالا وشبابا.. أن يتولاه الله برحمته ويسكنه فسيح جناته ويجزيه عنا خير الجزاء عما قدمه للإسلام والمسلمين .. كما نسأل المولى أن يطرح البركة في من بقي ويحفظ لنا ولي أمرنا خادم البيتين ونور قلوبنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز.. نسأل الله أن يحفظه من كل شر ويلبسه ثياب الصحة والعافية، وجميع أفراد الأسرة الكريمة، وأن يلهمه ويلهمنا الصبر والسلوان في فقيد الوطن.. (إنا لله وإنا إليه راجعون)..