معدل الادخار الوطني أحد أهم المؤشرات الاقتصادية التي تعبر عن سلامة وضع الاقتصاد، فهو يمكننا من التنبؤ بمستقبل الاقتصاد. ويحسب هذا المعدل كنسبة الأموال الفائضة من الدخل بعد كل المصاريف إلى إجمالي الدخل.


وبالنسبة لمعدل الادخار للاقتصاد الكلي، فإنه يأخذ في الاعتبار كلا من الفوائض الحكومية وفوائض المؤسسات والأنشطة التجارية، ولكن تبقى الفوائض الفردية هي المكون الأهم حتى على مستوى الاقتصاد الكلي.


فقلما ينتج عن ميزانيات الدول الصناعية المتقدمة فائضا، ولذلك فإنها تعتمد على تمويل عجوزات ميزانياتها الضخمة من مدخرات الأفراد والاقتراض الخارجي. ولذلك تمول مدخرات الأفراد المشاريع الحكومية العملاقة، خاصة مشاريع البنى التحتية والتي إن كانت المنفعة الاقتصادية والاجتماعية منها مرتفعة، إلا أن فترة استرداد رأس المال تكون طويلة جدا. وبالتالي فإن سلامة الاقتصاد تتطلب معدلات ادخار إيجابية حتى تتوفر الموارد لتمويل المشاريع الكبيرة، ولكن ارتفاعها بشكل كبير قد يؤدي إلى خنق الاقتصاد.





الأزمة المالية العالمية والكساد الذي تسببت فيه، بالإضافة إلى معدلات البطالة المرتفعة، دفعت معدلات الادخار في الدول الصناعية المتقدمة إلى الهاوية، وبالأخص الاقتصاد الأمريكي. وعلى الرغم من أن الأفراد يميلون إلى الادخار أكثر في أوقات الأزمات، إلا أن البطالة المرتفعة تستنزف مدخرات الأفراد.


ولذلك فإنه عند إضافة العجز الكبير في ميزانية الولايات المتحدة، الناتج عن برنامج إنقاذ المصارف، إلى مدخرات الأفراد المتدنية، سينتج معدل ادخار وطني سلبي للاقتصاد الأمريكي، الأمر الذي إن لم يعالج سريعا، سيتسبب في شح رأس المال العامل ومن ثم انخفاض عوائد الضرائب.


على الجانب الآخر، نجد معدل الادخار في الصين يشهد ارتفاعا صغيرا ولكنه مستمر. وبقي المعدل موجبا حتى عندما جاء العجز في الميزان التجاري الصيني سالبا لأول مرة منذ عقود. الارتفاع المستمر يوفر السيولة للمشاريع، ولكنه يعني أن الاستهلاك المحلي لا ينمو بنفس وتيرة نمو الاقتصاد الكلي.


وحتى تتمكن الصين من بناء اقتصاد قادر على الاعتماد على نفسه، فلابد لها من تنمية الاستهلاك المحلي لتخفيض الاعتماد على التدفقات النقدية الخارجية الناتجة عن التصدير.


وفي السعودية يؤدي توافر السيولة الناتجة عن الفوائض المالية الكبيرة في المملكة إلى تقليل أهمية معدل الادخار الوطني بالنسبة للاقتصاد الكلي. ولكن على مستوى الأفراد، فإننا ما زلنا نجد إقبالا شديدا على مساهمات توظيف الأموال رغم كون معظمها مصائد لأموال المواطنين.


ويدل هذا الإقبال على ارتفاع معدل الادخار لدى الأفراد، الأمر الذي يتطلب الاستفادة من المدخرات بالشكل الأمثل، وتوظيفها لخدمة الاقتصاد الكلي. والاقتصاد بحاجة إلى إيجاد فرص استثمارية حكومية آمنة من أجل هذه الأموال. بهذا الشكل يتم حفظ وتوظيف الأموال والحد من آثارها التضخمية في سوق الأسهم و العقار.