كشفت حادثة انفجار شاحنة الغاز التي حدثت شرق الرياض قبل أيام، كثيرا من التفاصيل المهمة والمصيرية؛ منها مدى استعداد أي جهة مسؤولة في مثل هذه المواقف، ومعرفة معظم المواطنين بأيسر قواعد الإسعافات الأولية التي يجهلها الجميع، وغياب تفاصيل دقيقة ومهمة مثل إحاطة مكان الحدث بشريط تحذيري يمنع الدخول للمكان بعد حدوث الانفجار، إذ ظل الأمر متاحا للجميع مما شكل إرباكا أمنيا من ناحية، ومن ناحية أخرى سمح لضعاف النفوس بالتجول في المكان لالتقاط بعض الممتلكات وهو ما شكل صورة غير أخلاقية وغير إنسانية، أعطت انطباعا غير أخلاقي عن مواطنينا، وما كانت لتحدث لو أن المكان تمت إحاطته بشريط يمنع تجولهم.

وقد بدت هذه الصورة مؤثرة بحيث نخجل من تداولها عبر مواقع التواصل، إلا أنه تم بثها وانتهى الأمر. في المقابل، كانت هناك صور عديدة غاية في الإنسانية، جدير بنا التنويه عنها والإشادة بها، فهي تستحق التقدير والاحترام. إنها صور الشباب الذين شاركوا بكل إيجابية وتفان في نقل المصابين والتبرع بالدم وتنظيم حركة المرور ومساعدة المتضررين. كم نحن فخورون بهم. إنهم فعلا رجال شرفاء أظهرت الأوقات الصعبة عميق نبلهم وخلقهم.

إن المواقف الكبيرة تظل كبيرة، سواء أكانت على مستوى المواقف المسؤولة التي تقع على عاتق كل مسؤول، أم على مستوى الأفراد أو المؤسسات، فالذي يبقى هو ما تحدثه فينا من أثر وتأثير، فشكرا لكل من كان نهجه الأمانة في الضمير، وفي أداء الواجب، وفي موقفه من الإنسان في كل مكان وفي كل ظرف.

إن الأخطاء تحدث في كل وقت ومكان، ولكن علينا أن نتعظ من تكرارها ونتعظ بغيرنا، ولسنا ببعيد عن أي ظواهر كونية، أو حتى بشرية قد تحدث أضراراً بالأرواح والممتلكات كما في حادثة الانفجار.

على سبيل المثال، لنأخذ ما قامت به أميركا ـ وقت حدوث الإعصار ـ أنموذجا في إدارة الأزمات؛ فقد تمكن خبراء الأرصاد لديهم من تحديد اليوم والساعة والمكان الذي سيبدأ منه الإعصار، وتمكنت فرق الدفاع المدني لديهم من تأمين الولايات الثلاث المعرضة لخطر الإعصار قبل حدوثه بتوفير أماكن سكنية لكل من أخلى منزله قبل الإعصار، وفصل التيار الكهربائي عن ولايات بأكملها يشتبه أن يؤثر الإعصار عليها حماية للأرواح.

إن هذا هو وقت المواقف الصعبة التي يُظهر فيها الجميع أفرادا وجماعات مواقفهم الحقيقية، وإمكاناتهم المتوقعة.