ربط عدد من القيادات الإعلامية بين إنجازات المجلس الأعلى للإعلام وترؤس الراحل صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز له، خصوصاً أن الفقيد تلا اختصاصاته بنفسه في أول اجتماع له بعد تشكيله الجديد يوم 11 شوال عام 1401 في مدينة الطائف، حينما حدد منطلقات المجلس بقوله "إنها ترتكز على أهداف واضحة، في مقدمتها خدمة العقيدة الإسلامية السمحة وخدمة أهداف سياسة الدولة داخليا وخارجيا، وكذلك رفع مستوى إدراك المواطن وتزويده بالثقافة النافعة في كافة المجالات وتقديم الترفيه النافع في وسائل الإعلام". وأجمع الإعلاميون على أن المجلس الأعلى للإعلام ساعد كثيرا في تشكيل الدورات الإذاعية، وإيضاح الرؤية أمام اللجان الإذاعية، الخاصة بوضع الدراسات الأولية لهذه الدورات، الأمر الذي أكسب برامج الإذاعة المزيد من المرونة، والاتزان والموضوعية، إلى جانب الترفيه الموظف لخدمة المواطن السعودي.
وأوضح رئيس تحرير صحيفة عناوين الإلكترونية، الكاتب الصحفي طارق إبراهيم في تصريح لـ"الوطن"، أن كل من التقى أو عمل مع صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ يدرك تماما أنه رمز ورجل دولة من الطراز الأول، وله شخصية تفرض نفسها على الجميع، وتابع "نحن كإعلاميين ومن خلال تعاملنا مع سموه ـ يرحمه الله ـ لم نكن ذات يوم نشعر أنه رجل أمن وفق الصورة النمطية المعروفة عن كل من يتولى المهام الأمنية في أي بلد في العالم".
وبيّن أن الأمير نايف بن عبدالعزيز رجل فكر وصاحب خطاب يستند على الوعي والإدراك بواقع الحال وبواقع من يتعامل معهم سواء كانوا إعلاميين أو أكاديميين أو أطباء وهكذا، وتابع "لعلي أستشهد بواحد من تلك اللقاءات أو المكالمات حينما تلقيت اتصالا من سموه ـ يرحمه الله ـ يوم أن كنت رئيسا لتحرير هذه الصحيفة مشيدا وشاكرا بموقفها وكيفية تعاملها مع موجة الإرهاب التي شهدتها بلادنا، حينها في تلك المكالمة تعزز لدي ما كنت أدركه وأعلمه عنه ـ رحمه الله ـ من أنه متابع دقيق لكل ما يطرح وينشر في إعلامنا، وأنه بحسه الوطني وموقعه الحساس قادر على تحليل ذلك الطرح الإعلامي غير التقليدي الذي انتهجته "الوطن" في مواجهة الإرهاب، مما دفع بسموه -وهو ليس بالأمر المستغرب عليه في وسطنا الإعلامي- أن يبادر للاتصال ليثني ويشكر".
وأشار طارق إبراهيم إلى أنه يظن أن ما فعلته "الوطن" آنذاك لم يكن إلا تمشيا مع توجه الدولة نفسها ووزارة الداخلية تحديدا، حيث لم يكن السلاح والقوة العامل الأوحد لمواجهة الإرهاب، بل كان هناك خط موازٍ لتلك الجهود، تمثل في مواجهة فكر الإرهاب بفكر الوسطية والاعتدال والنصح وعدم مقابلة الإساءة بمثلها.
من جانبه، أكد رئيس تحرير جريدة الشرق، قينان الغامدي، لـ"الوطن" أن الأمير نايف ـ رحمه الله ـ كان قريبا كثيرا من الإعلاميين وموجها وأخا أكبر، وأيضا يمكن القول إنه مدافع عنهم، مشيراً إلى أن الأمير نايف في إحدى رحلاته الخارجية في إيران كان يقدم الصحفيين ورؤساء التحرير الذين كانوا يرافقونه للجانب الآخر تحت صفة الزملاء، ويقول "زملائي" ويذكر أسماءهم وكان قريبا منهم وموجها لهم، وناقدا، وحريصا أيضا عليهم، ويعطيهم المعلومات والتوجيه الذي يخدم المصالح الوطنية العليا، فيما يكرس اللحمة والوحدة الوطنية. وأشار إلى أن الأمير نايف صاحب بصمة قوية في كل مجالات الحياة في المملكة، "ولا أعتقد أن هناك مجالا لم يكن للأمير نايف فيه بصمة وموقف، سواء من خلال موقعه أو مواقعه المختلفة في رئاسة المجالس العليا واللجان، أو من خلال موقعه كوزير داخلية، ومن ثم نائب ثان ومن ثم ولي للعهد، مبينا أن فَقْد الأمير نايف فقد كبير، ليس للمملكة العربية السعودية فقط وإنما للأمة العربية والإسلامية جمعاء.
من جانبه، ذكر رئيس التحرير المساعد لصحيفة الحياة، جميل الذيابي، لـ"الوطن"، أن من أهم البصمات التي قام بها الأمير نايف بن عبدالعزيز عندما تولى مهام رئاسة المجلس الأعلى للإعلام صدور السياسة الإعلامية للمملكة عام 1402، والتي تعتبر الآن جزءاً لا يتجزأ من السياسة العامة للدولة، كما منح الأمير نايف للإعلاميين جملة من الحقوق، منها حق الاتصال والحضور والسؤال والمناقشة، إيماناً منه برسالة الإعلام ومهمة تنوير الرأي العام، وتبنى عددا من الأنظمة التي صدرت أخيراً مثل "نظام المؤسسات الصحفية" و"نظام حقوق المؤلف" و"قانون المطبوعات"، وجعل من اهتمامات المجلس برئاسته آنذاك الوصول إلى صيغة تفاهم على إستراتيجية حماية الإعلاميين، وتابع "كان شخصياً يحرص على الوضوح في التعامل مع الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، ويعقد المؤتمرات الصحفية لإظهار الحقائق أمام الوسائل الإعلامية، ومن الشواهد على ذلك مؤتمره الصحفي السنوي قبل حج كل عام.
يذكر أن المجلس الأعلى للإعلام تم تشكيله عام 1396/ 1976 ثم صدر قرار مجلس الوزراء رقم 78 في 14/5/ 1400 الموافق 30/3/ 1980 بالموافقة على اللائحة التنظيمية للمجلس الأعلى للإعلام التي تضمنت اختصاصات المجلس وأحكامه العامة. وتشكل هذا المجلس بموجب الأمر السامي رقم 2022 / 8 في 12 / 9 / 1401 الموافق 13 / 7 / 1981، برئاسة سمو وزير الداخلية وضم في عضويته عددا كبيرا من المتخصصين والمهنيين بقضايا الإعلام، فيما عدلت اللائحة التنظيمية بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 82 في 4/6 / 1402 الموافق 29 / 3 / 1982 ، وذلك لوضع سياسة إعلامية تحقق الأهداف العامة للمملكة العربية السعودية وتنبثق من الشريعة الإسلامية. وصدر أمران ملكيان في 12 و28 رمضان عام 1401 بإعادة تشكيل المجلس الأعلى للإعلام برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، وعقد المجلس أول اجتماع له بعد تشكيله الجديد يوم 11 شوال عام 1401 في مدينة الطائف.