قرر محمد الشهري أن يضيف لرحلة ولديه "سعد"، و"صالح" في صيف هذا العام غرضا جديدا، وهو الدراسة لتحقيق أكبر استفادة منها، وذلك بتسجيلهما في إحدى الرحلات التعليمية إلى لندن لتعلم اللغة الإنجليزية، وقد جاءته هذه الفكرة بعدما تعرف على تجربة صديق له في العمل سافر ابنه في إحدى هذه الرحلات، فجمع بين السياحة والعلم في آن واحد.
وفي ظل تراجع الإقبال السياحي على دول الربيع العربي بسبب التوتر الأمني، اضطرت غالبية الأسر السعودية للتوجه سياحيا إلى أوروبا، مما تسبب في زيادة التكاليف والأعباء المالية على معظم الأسر، وهو الأمر الذي حدا بهم، لاختيار نمط "السياحة التعليمية"، لتخفيض تكاليف الإنفاق، واستثمار سفر أبنائهم في المفيد.
الدكتور محمود الحربي أحد خبراء السياحة التعليمية قال لـ"الوطن" إن التجربة في هذا المجال آخذة في النمو، مؤكدا على إقبال السعوديين على هذا النمط السياحي الجديد، وهو الأمر الذي أسفر عن تغير نوعي في طبيعية مقاصد السعوديين السياحية، الذين كانوا يفضلون السفر كعائلات في سفر الصيف.
وأضاف أن "الحملات الترويجية التي تنفذ برامج السياحة التعليمية، تستهدف طلاب المدارس والجامعات، ونجحت في إقناع العديد من الأسر السعودية بإلحاق أبنائهم في تلك البرامج، بهدف تخفيض التكاليف، وتعليم وتطوير مهارات وقدرات أبنائهم من جهة أخرى".
وحول انتقاد البعض لهذا النوع من السياحة بدعوى أنه يختلف عن السياحة العائلية التي تجمع الأسرة، قال الدكتور الحربي "تبين أن سفر الأبناء دون أسرهم في رحلات جماعية هو تعليم وتدريب للاعتماد على النفس، فالطالب يعتمد على نفسه، ويقوم بعيدا عن أسرته بإدارة أموره المالية والاجتماعية، وطبعا ذلك لا يوازي قضاء عطلة سياحية مع الأسرة ككل، لكن ردود الأفعال التي تأتي من الآباء تعكس جليا نجاح التجربة، خاصة مع الطلاب، وزيادة الشركات المتخصصة في هذا الجانب في السوق المحلي، أكبر دليل على ذلك أيضا".
رواج السياحة التعليمية في المملكة بشكل كبير كان تحديدا بعد الثورات العربية، بعد غياب الاستقرار السياسي والأمني في البلدان العربية التي كانت مقصدا سياحيا مهما في خارطة السياح السعوديين كلبنان، ومصر، وسورية، على وجه التحديد، .. هذه الرؤية يؤكدها أحد منظمي الرحلات التعليمية بالوكالة مع إحدى المؤسسات التعليمية البريطانية المتخصصة في تعليم اللغة الإنجليزية منذ أكثر من عامين وهو محمد الراشدي، يقول: "وجدت الأسر السعودية نفسها أمام خيارات صعبة بالنسبة للأمور المالية، وذلك بالتوجه نحو الدول الأوروبية، أو تركيا، أو المغرب، أو إندونيسيا، أو ماليزيا، وهي وجهات تشهد السياحة بها ارتفاعا في الأسعار، بعد استغلال المنظمين الأوضاع التي تمر بها دول السياحة العربية".
ومن خلال استقصاء قامت به "الوطن" بين منظمي الرحلات التعليمية، لوحظ أن وجهات السياحة التعليمية تتركز في بعض الدول هي "الولايات المتحدة الأميركية، وكندا، وبريطانيا، وجنوب أفريقيا، ونيوزلندا، واليابان، وإسبانيا، وتبدأ الأسعار طبقا للمدة الزمنية من 15 ألف ريال، وتصل حتى 30 ألف ريال، لقضاء فترة تتراوح من 10 إلى 40 يوما، وتشمل الأسعار تذاكر الطيران، والتنقلات، والإعاشة، والسكن، والبرامج السياحية والترفيهية، ومعهد الدراسة.
المدير التنفيدي لتطوير النبلاء للاستشارات محمد باهرمز أشار في حديثه إلى "الوطن" أن هذا النوع من البرامج نجح في السوق السعودي بشكل كبير، والدليل على ذلك هو حجم التنافس الكبير في الأسعار والمدد الزمنية.
لكن معتز عبدالحي المدير التنفيذي لشركة السمو لتطوير الشباب، والذي أشرف منذ عام 2006، على هذا النوع من السياحة التعليمية، ينتقد بشكل مباشر، البرامج الحالية، واعتبرها قائمة على الربح المادي، وعدم التطوير في مضامينها، وغياب القيم عن بعضها وثقافة السياحة التعليمية.
وتقاطع في رأيه أيضا مع باهرمز في أن السوق السعودي انتعش أكثر من السابق، فقبل 6 سنوات لم تكن المؤسسات العاملة في هذا المجال إلا بعدد أصابع اليد الواحدة.