تعودنا أن نرى في طرقاتنا اللوحات، أو الإشارات التحذيرية التي تنبه مستخدمي الطريق عما سيواجهونه في طريقهم بعد مسافة محددة، وتشمل هذه التنبيهات مناطق عبور طلاب المدارس، والمستشفيات، والمناطق العسكرية، ومناطق العمل، والتحويلات، والمراكز الأمنية، والتفتيش، والإسعاف، وغيرها من اللوحات التحذيرية المتعارف عليها والتي نراها في شوارعنا، وطرقاتنا، وأرى أن هناك ضرورة ملحة لإضافة لوحة تحذيرية بمقاس كبير، وبألوان عاكسة للضوء في كثير من شوارعنا نصها: "انتبه أمامك مفحّط "، بهدف توعية قائدي السيارات بأنه في أي لحظة قد تظهر له سيارة مسرعة بشكل جنوني، ولا يستطيع قائدها التحكم بها، ومن ثم تكون النتائج غير متوقعة.

وحقيقة الأمر أن التفحيط تجاوز مستوى المشكلة، وأصبح ظاهرة لفترة من الزمن، ومنها تحول إلى فكر لدى كثير من الشباب، وبدأ العديد منهم اتباع هذه الأفعال غير السوية، فالتفحيط له أنواعه، وأسسه، ومؤيدوه، وأساليبه، وأوقات محددة لممارسته، وكل مفحّط له أتباع، ومشجعون كثر، ويحاول كل مشجع أن يحصل على أكبر عدد من الأتباع، والمشجعين، ويتم التواصل فيما بينهم بوسائل التواصل الاجتماعي المختلفة لتحديد مواعيد التفحيط، وأماكنه، ولم يقتصر الأمر عند ذلك بل تعداه إلى إطلاق نار أثناء التفحيط على المتابعين، أو المشجعين، وراح ضحية إطلاق النار العشوائي بعض الأشخاص، ويعد هذا النوع من التجمع من تجمعات الشباب غير المناسبة، وغير المقبولة، التي لن ينتج عنها إلا نشر بعض الأفكار الهدامة، أو توزيع بعض الممنوعات، وترويجها بالإضافة إلى الخسائر التي تلحق بالمفحطين، وبالجمهور من خلال التفحيط.

ولعل التفحيط من الجوانب التي قد تكون مقصورة على شبابنا بالدرجة الأولى، ولا نلاحظ أن هناك مفحطين بشكل ملحوظ في كثير من الدول، وهناك أسباب عديدة أدت إلى ظهور التفحيط بشكل كبير، ومن أهمها توافر السيارات لدى هؤلاء الشباب من دون أن يتعب، أو يدفع من قيمتها ريالا واحدا، السبب الآخر هو وجود أوقات الفراغ لدى هؤلاء الشباب، ولا يوجد لديهم ما يشغلهم في وقت فراغهم إلا التوجه إلى ساحات التفحيط، وتفريغ هذه الطاقات، والقضاء على أوقات الفراغ، العامل الآخر الذي شجع على التفحيط هو غياب متابعة الأسرة لأبنائها، ومعرفة الجهات التي يقصدونها؛ فالأسرة توفر للشاب السيارة التي يفحط بها، ويستعرض بها أمام الآخرين، ولا تتابعه، وتوجهه وهذه مسؤولية مركبة تقع على عاتق الأسرة، أما غياب التوعية الإعلامية من خلال وسائل الإعلام المختلفة فهو السبب الآخر في ظهور التفحيط، ومن الضروري أن تكون هناك برامج تثقيفية، وتوعوية، وترفيهية موجهة لهذا الموضوع الذي يشكل هاجسا اجتماعيا، وأمنيا، واقتصاديا، وصحيا كبيرا، أما العامل الآخر والذي قد يكون من أهم الأسباب التي أدت إلى ظهور التفحيط في شوارعنا هو عدم تطبيق النظام بحزم بحق كل من يخالف أنظمة المرور، ومن يقوم بالتفحيط على وجه الخصوص ؛ حتى إن بعض المفحطين يقوم بالاستعراض، وبالتفحيط عندما يرى الدوريات الأمنية، بل بعضهم ضايق بعض الدوريات، وتعمد الاصطدام بها، وهنا لا بد من وقفة أمنية جادة تجاه هذه السلوكيات التي لن يجني المجتمع من ورائها إلا الخسارة والدمار للمجتمع ومقدراته البشرية، والمادية.

ولو اقتصرت آثار التفحيط على المفحط وحده لكانت الخسائر محدودة إلى حد ما، ولكن للأسف أن الآثار السلبية تلحق بالمشجعين للتفحيط، وبمستخدمي الطريق الأبرياء الذين لا ذنب لهم حيث نسمع في كثير من الأوقات أن هناك شخصا، أو أسرة راحت ضحية لمفحط، وكم من أسرة بريئة داهمها مفحّط وتسبب في القضاء عليها، أو موت بعض أفرادها، أو إعاقة البعض الآخر، وللحد من التفحيط والقضاء عليه لا بد من إيجاد أنظمة صارمة، ويتم تطبيقها بصفة مستمرة ودائمة بحق من يمارس التفحيط بجميع أنواعه، وقد يكون من المناسب أن يكون من ضمن العقوبات التي يمكن تطبيقها بحق المفحطين السجن لمدة لا تقل عن شهر، ودفع غرامة مالية لا تقل عن عشرين ألف ريال للمرة الأولى، وفي المرة الثانية السجن لمدة شهرين، ومصادرة السيارة، وتوجيه الغرامات، وقيم السيارات في حالة مصادرتها إلى مراكز التأهيل، والعلاج الطبيعي لضحايا حوادث السيارات.