حينما تستمع إلى قصة نجاح الأخوين محمد ومهند مدهش لأول مرة، ستضع تجربتهما في خانة "عصامية" الشباب السعودي.
في صيف 2006 كان الشقيق الأكبر محمد (حاصل على بكالوريوس عن بعد في التصوير السينمائي) يعمل في تصميم مواقع الإنترنت في غرفة صغيرة، وبدأ يسمع عن جهاز يسمى "ماك"، وهو أحد منتجات الشركة العالمية آبل، التي تعود ملكيتها "لستيف جوبز"، وكان يحمل مواصفات متطورة في مجال عمله وهو التصميم- ومتقدم عن الأجهزة الموجودة خاصة المنافس التقليدي "مايكروسوفت".
لم تكن أجهزة آبل قد وجدت لها مساحة انتشار في ذلك الوقت، مثل ما هي عليه اليوم، إذ كان من النادر اقتناء هذا الجهاز لسعره المرتفع، وعدم وجود موزعين كثر لترويجه في السوق المحلي.
أما مهند( حاصل على بكالوريوس في الملتيميديا) فقد انضم لشقيقه في مشروعه. من هنا بدأت حكاية "الأخوين"، وقررا بعد تخرجهما من الجامعة عدم الاستمرار في نهج المتخرجين حديثا بالبحث عن وظيفة، وتوجها نحو إرث العائلة في العمل وشعاره "لا للوظيفة.. نعم للعمل التجاري الخاص"، فتسعة أعشار الرزق في التجارة كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اتفق الأخوان على العمل التجاري المشترك، فبحثا عن الموزع الرئيسي لمنتجات آبل في المملكة، بعد أن قررا دخول هذا العالم الذي لا يعرفون عنه سوى اسمه، "محمد" (32 عاما) كان يعتبر "مخزن الأفكار والمشاريع الخلاقة"، و"مهند" (31 عاما) الأصغر كان "الرجل التنفيذي للمشاريع"، وتقاطعت أحلامهما في مشروعها الجديد، ويبدآن برأس مال استثماري صغير جداً.
درس الأخوان أبعاد مشروع بيع منتجات "آبل"، يحدوهما الأمل أن يكونا من روادها الأوائل على مستوى المملكة، وسافرا إلى الرياض لملاقاة الموزع المعتمد، ويتفقان بعد مفاوضات حثيثة معه على شراء أجهزة "آبل" بالآجل، للسيولة المالية الضعيفة لديهما، وافتتحا محلهما الأول بإحدى ضواحي المدينة الساحلية جدة في مارس 2007.
يتذكر مهند ذلك العام بشكل دقيق وقال إنهما عملا في المحل جنبا إلى جنب "كبائع وكاشير"، مع عامل واحد فقط، وباعا في أول يوم بقرابة خمسين ألف ريال، وعادت النسبة الأكبر من الربح فيها للموزع المعتمد.
ولعدم خبرة الشقيقين في هذا المجال، تراكمت عليهما المديونيات لتصل مع منتصف 2008 خلال العام الأول إلى المليون ريال تحديداً، وتوالت عليهما رسائل شديدة اللهجة من قبل الشركات التي يوردون منها والتي تطالبهما باستحقاقات مالية.
ووقع الأخوان خلال تلك الأزمة في حيرة كبيرة ، وكانا بين رأيين "أحلاهما مر"، إما إغلاق المشروع في ظل غياب داعم لهما، أو تسديد المطالبات المالية التي عليهما، يصف مهند تلك الأجواء ويقول: "كنا نشعر بتوتر شديد، باعتبار أن هذه أول موقف صعب نواجهه في حياتنا العملية، أرقنا الأمر كثيراً".
بدآ في البحث عن أحد يساعدهما في تسديد ديونهما، فكانت وجهتهما الأولى نحو والدهما إلا أنه لم يستطع مساعدتهما لتعثر بعض أعماله في ذلك الوقت، وبحثا أيضاً في دائرة الأقرباء والأصدقاء المقربين، ووصلا إلى طريق مسدود، واستطاعا بعد بحث إقناع كبرى الشركات المحلية القابضة بدخول هذا المجال، ودعمهما في توفير منتجات آبل، ليخرجا من الورطة المالية، ونجحا في ذلك، وفي الربع الأول من 2009 تمكنا من الوقوف على قدميهما من جديد، وتسديد ديونهما، بل وحصلا على توكيل مهم وحصري من الشركة الأم في برنامج "نقاط بيع خاص بجهاز "ماك".
وعن الدرس الكبير الذي تعلماه من هذه التجربة العصيبة عليهما أجابا بشكل مباشر وسريع :"دافع عن حلمك، واستمر فيه حتى النهاية ما دمت مقتنعاً بنجاحه".
بعد مرور ست سنوات (2006- 2012)، أصبح الأخوان مدهش يملكان 5 نقاط بيع منتجات آبل في أهم المواقع التجارية بجدة، وعددا كبيرا من الموظفين، وقائمة عملاء لديهم تجاوزت 50 ألف عميل، واستطاعا أن يكونا سمعة متقدمة في مجال تقديم الصيانة لأجهزة الكمبيوتر "اماك" في السوق المحلي.