إلى وقت قريب ظل السعوديون يؤرخون بالأحداث العظيمة كسنة الجراد، وزمن "التلج"، وسنة الرحمة التي كثرت فيها وفيات طاعون الكوليرا.

وها نحن لا يكاد يبقى من معالم تاريخ الأجداد إلا شارع "الوشوش" بالرياض! وللتذكير فهو شارع "العصارات" أيضاً لكثرة بوفيهات العصير الطازج.. نعم .. كان لديهم شيء اسمه "عصير" و"طاااازج"! لكن اسمه الرسمي ما يزال شارع "عسير" باسم المنطقة الجنوبية العزيزة، وليس لهيمنة العمالة الوافدة عليه، وإلا لكان اسمه "أسير" و"فرس" سديق مافيه "تااازا"! أما سبب تسميته بـ"الوشوش" فيعود إلى وجود حفريات مزمنة فيه منذ الطفرة الأولى، استدعت إحاطتها بكتل خرسانية متقاربة لكيلا تتكرر حوادث "جمس بوند" في منتزه "الشكران"؛ فإذا عبرت السيارة بجانب تلك الكتل أحدثت حفيفاً يسمع هكذا: "وش وش وش"! وحاول أن تحصي كم شارع "وش وش" مزمن في الحي الذي تسكن فيه ناهيك عن المدينة ناهيك عن المنطقة ناهيك عن الوطن كله؟ والعجيب أن بعض الشوارع أزيلت تماماً وبقي "الوشوش" ولكن بنغمة الطفرة الثانية وما بعدها: "احفر وادفن أرض بلادك/ بكرة يحاكمك بعض أولادك"!!

وها نحن على وشك أن نسلخ عاماً هجرياً حافلاً بالأحداث، ولكننا لكثرتها لم نعد نستنكرها؛ فلو اقترحنا ـ مثلاً ـ تأريخ هذا العام بـ"سنة وادي تمايا" فكيف نعود لتسمية السنوات الماضية بـ"وادي مشار"، و"بيش"، و"نجران"، و"لية"، و"ترج" وعشرات الأودية التي تصب جميعاً "بوادي لا صدى يوصل/ ولا باقي أنين"!

إن سيول هذه الأودية فجأة وما ينجم عنها من ضحايا وملاحم بطولية لبعض الشهداء جديرة بتصميم تقويمنا لعشرات السنين لعلنا نستعيد حاسة أجدادنا الذين كانوا يتأهبون ـ وهم في القصيم ـ لسيل وادي "الرمة" بمجرد أن يخايلوا البرق على وادي "الصفراء" غرب المدينة المنورة، بينما نؤخذ نحن على حين غرة رغم تطور أجهزة الأرصاد الجوية والأرضية و"النص نص" مع أطيب الأماني لـ"حسن كراني" وأصدق التهاني لـ"عوض القحطاني"!

وإذا انتقلنا إلى مجال الرياضة فهل نسميها سنة الخمسة الأندلسية؟ ليس لغرابة الهزيمة "اسم الله علينا"؛ بل لأن أبطالنا فشلوا في تحطيم الرقم القياسي في عدد مرات السنترة المسجل باسم سلفهم جيل "طقها ولا تلحقها" الذي عادل عام 2002م بالثمانية الألمانية الثمانية البرازيلية في كأس القارات 2000م المسجلة باسم الأسلف منهم جيل "طقها وإذا لك مزاج تلحقها" وإلا ترى بطولة القارات لم تكن رسمية!!

أم نسميها سنة تأهل فريق سعودي أخيراً للمباراة النهائية لكأس أندية حارة "آسيا"؛ رغم هزيمة الفريقين الشقيقين هزيمة نكراء قبل بداية المباراة الأولى حيث انشغل إعلام الخشاش الرياضي بقضية توزيع نسبة الجمهور؛ لأنه هو الذي سيلعب في الواقع بنفسيته وأعصابه!

وأما على الصعيد الإعلامي فما زال الكتاب يؤرخون حياتهم بالمقالة التي تنشر كاملة دون أن تمسسها أنامل "رقابة هانم" الر...؟ قيقة طبعاً!!