بعد كل حج يتلمس القاصي والداني والمحب والكاره ما قد يحدث من أخطاء أو كوارث لا سمح الله، وهذه عادة تعود البعض عليها.

ثلاثة أو أربعة ملايين حاج ليس رقما سهلا في مكان محدود وزمن محدود بكل حاجتهم للحركة والأكل والشرب، لكن هذا قدرنا ومهمتنا وشرفنا.

مهمة المسؤولين عن الحج الآن هي متابعة ما يكتب من نقد، حتى نصل إلى حلول لكل المشكلات والعوائق.

تابعت كغيري أن الحجاج غير النظاميين، وهم كلهم من داخل المملكة، كانوا سبب مشاكل الحج، وهذا صحيح. لكن ليسوا وحدهم في ذلك.

مضت سنوات على تنظيم تراخيص الحج ولكن لم يتم الحزم في تطبيقها، ومهما بلغ الخيال بالمسؤول ليجعل هامشا لهؤلاء ضمن تقديراته فلن يتجاوز حاجز الخمسين ألف حاج يمكن دخولهم بتساهل أو بتسلل، لكن دخول مليون ونصف مليون حاج مسألة غير معقولة أبداً، فهم تقريبا مثل عدد حجاج الخارج.

لقد صورت كاميرات التلفزة مجموعات كبيرة وهم يمرون جهارا نهارا إلى مكة عبر طرق وحيَلٍ لا تخفى على كل الأجهزة المعنية.

نعم، عدم وجود عقوبة سبب في تكرار فعلتهم وتحريض غيرهم، ولا أعلم كيف تكون العقوبة لكن يجب التفكير في عقوبات وليس عقوبة، فمنع حاج غير نظامي إنما هو منح فرصة لحاج نظامي جاء من أطراف الدنيا حين واتته الفرصة ليحقق حلمه.

دخول مليون ونصف مليون حاج لا يمكن، على الإطلاق، اعتباره تسللا. هو تهاون يعرض الحجيج والموسم لكوارث خطيرة ويعرض البلد كلها لتظهر بمظهر المقصر في أمانتها.

تزايدَ الكلام عن غلاء الحملات غير المبرر، وتجاوزه إلى حملات "في آي بي". أفهم أن يكون للشخصيات العالمية وضع خاص تقوم به جهات مختصة، لكن غير المقبول هو أن يكون الحج ميسرا للأغنياء صعبا وشاقا على متوسطي الحال، فالمكان للكل، والحج مساواة بكل ما تعنيه الكلمة، وما لم نتدارك الأمور ونقنن ونحاسب ونعاقب فإننا سنسهم في قصر الحج على المعنى التجاري السياحي.