العنوان أعلاه، عنوان مجموع شعري نادر، يحوي عددا من قصائد علماء آل الحفظي في فترات زمنية مختلفة، قام بجمعه محمد بن إبراهيم زين العابدين الحفظي، ونسقه وأخرجه عبدالرحمن بن إبراهيم زين العابدين الحفظي، سنة 1393هـ.
يقول الجامع في مقدمته: "أقدم لك ديوان نفحات من عسير، الذي يضم بين دفتيه المجموعة الأولى من شعر أسلافي آل الحفظي، النابض بخلجات قلوبهم المؤمنة، المفعم بأحاسيسهم المتوقدة بالإيمان، المصور لتلك الأحداث التاريخية التي عاصروها".
وقد رتبه الجامع ترتيبا تاريخيا بحسب تاريخ وفاة كل شاعر، حيث كان يترجم للشاعر، ثم يورد بعض قصائده مصدرا كل قصيدة بمناسبتها، وعلى الرغم من أن هذا المجموع يضم كما وافرا من أشعار أسلاف آل الحفظي، إلا أنه يمثل أهمية أخرى بالنسبة إلى الشعر في عسير، ذلك أن تلك القصائد تعد أنموذجا سار اللاحقون من شعراء آل الحفظي على نهجها، كما احتذاها غيرهم من شعراء منطقة عسير في العقود الثلاثة الأولى من النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري، مما يفتح الباب أمام الموازنات، والبحث في أسباب التناص، أو التشابه.
وإذا كان الجامع قد أشار إلى أن هذا المجموع هو المجموعة الأولى من شعر أسلافه آل الحفظي، فقد صدرت المجموعة الثانية، بعد عشر سنوات من صدور الأولى، بعنوان: "شعاع الراحلين: الديوان الثاني من شعر آل الحفظي بعسير وبعض معاصريهم"، قام بجمعه وترتيبه عبدالرحمن بن إبراهيم زين العابدين الحفظي، وهو تكملة لسابقه، إلا أنه يختلف عنه في طريقة الترتيب، إذ كانت النصوص هي مدار العمل، فقام بترتيبها ترتيبا ألفبائيا بحسب القوافي، وكان يحيل إلى تراجم الشعراء في: "نفحات من عسير"، دون أن يعيدها، وذلك لأن الجامع نفسه هو من أخرج المجموع الأول مطبوعا،وإن لم يجمعه، ثم جمع الثاني.
ومعظم قصائد القسم الأدبي تدخل في باب الإخوانيات، إذ كانت – في غالبها – إجابات أو مراسلات، لكنها – كغيرها من قصائد تلك الفترة - لا تخلو من تنوع الموضوعات، فبعضها يبدأ بالغزل، وأخريات كن في الحنين،
وبها شيء من معاني المدح، كما يحوي هذا المجموع قصائد لبعض شعراء اليمن، والمخلاف السليماني، ونجد، والأحساء، كان الجامع يوردها مع إجاباتها من قبل شعراء آل الحفظي.
وعلى الرغم من أن الجامع قد عني بسلامة القصائد، وحرص على التصويب والتبويب، إلا أن عدم ذكره لتواريخ نظم القصائد، وعدم عنايته بترجمة الشعراء – من غير الحفظيين - الذين أورد بعضا من أشعارهم، قد أفقد العمل شيئا من قيمته التاريخية، وجعل الرابط بين بعض القصائد والأحداث مفقودا.
والسؤال الجوهري هنا، وبعد أربعين عاما، من صدور النفحات: أين البقية الخافية من أشعار الحفظيين، وهل يمكن أن تتبنى إحدى المؤسسات الأكاديمية جمعها ودراستها دراسة علمية دقيقة؟