لن تجد أي دولة مسلمة غيورة دليلاً في يدها على جريمة ذبح مسلمي بورما أقوى من الصورة التي نقلتها الأقمار الصناعية ونشرتها منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأربعاء الماضي، فضحت فيها تواطؤ قوات الشرطة مع السكان البوذيين في الهجوم على السكان المسلمين بمدينة kyauk pyu بولاية أراكان. ترى هل كانت الدول العربية والإسلامية تنتظر مثل هذا الدليل أم ماذا تنتظر الآن حتى تتحرك وتنقذ 800 ألف مسلم يواجهون حرب إبادة؟
للأسف ذهبت وفود عربية وإسلامية إلى مسلمي بورما (الروهينجا) ورأت مأساتهم وتبعتها باجتماعات ومؤتمرات إسلامية لم تسفر عن أي إجراءات لإنقاذهم من مقصلة القتل. لكن جاء نشر منظمة حقوق الإنسان لتقريرها على موقعها الجمعة والسبت الماضيين ليعيد فتح هذا الملف الذي نسيناه. وذكرت فيه معلومات مأساوية عن تهجير 70 ألف مسلم خلال الأسبوع الماضي، وتدمير مناطق وإحراق منازل وممتلكات المسلمين. وذكرت حادثة مفجعة قتل فيها ركاب أحد القوارب الفارة بعد اغتصاب نسائهم.
إن قضية مسلمي بورما لهي أكبر من ذهاب وفود عربية وتركية لتوزيع مواد الإغاثة. إنهم يواجهون في كل لحظة خيارين: إما التهجير إلى بنغلاديش التي ترفض استقبالهم أو مواجهة بوذيي ميانمار فيُذبحون وتغتصب نساؤهم ويقتل رجالهم وأطفالهم وتحرق بيوتهم. وهم يعلمون أن نهايتهم موت مؤكد أمام حرب ممنهجة وآخذة في التسارع بسبب غنى منطقتهم وأهميتها لمرور خطوط الغاز عبر أراضيها.
صحيح أن الدول العربية والإسلامية منشغلة مع إخواننا السوريين في حربهم ضد نظام الأسد، إلا أن ذلك لا يمنعها من استخدام علاقاتها بالدول الكبرى لوقف هذه المجزرة. أليس في أيدينا وسائل اقتصادية وقنوات سياسية لإجبار حكومة ميانمار وقف مجزرة تقتيل إخواننا الروهينجا قبل إسراع الدول الكبرى بالتضحية بأرواحهم طمعاً باتفاقيات اقتصادية مع حكومة ميانمار؟