تعد إدارة الرئيس باراك أوباما ورقة جديدة لوضعها على طاولة المفاوضات خلال الاجتماع الثاني بين إيران ومجموعة 5+1، الذي سيعقد في 18 و19 يونيو الجاري بموسكو. وتختلف الورقة الجديدة عما قدمته واشنطن في لقاء بغداد الأخير. ففي بغداد كانت واشنطن تدفع باتجاه التوصل لاتفاق انتقالي يمكن بواسطته وقف تخصيب اليورانيوم لمستوى 20% أو أعلى في إيران مقابل تعهدات لم تكن قاطعة لإيران بشأن العقوبات المفروضة عليها.
أما الورقة الجديدة فإنها تقدم تصورا شاملا للحل النهائي بين الجانبين دون أية اتفاقيات مؤقتة، وإنما سعيا نحو المحطة الأخيرة. وقالت تقارير أميركية إن المقاربة الجديدة تهدف لطمأنة الأطراف المعنية بأن أي اتفاق ليس في واقع الأمر نهاية المطاف، كما أنه لن يتحول إلى أداة لتضييع الوقت، ومن ثم منح إيران فسحة زمنية إضافية لتطوير قدراتها النووية مع تجميد أي عقوبات جديدة عليها للحفاظ على الاتفاق. وأشارت التقارير إلى أن خبراء وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) رأوا منذ البداية أن من الضروري التقدم نحو اتفاق كبير وليس مرحليا صغيرا، فيما رأى خبراء وزارة الخارجية عكس ذلك. وأخذ الرئيس باراك أوباما برأي خبراء الخارجية حول مقاربة "الخطوة خطوة" كبديل لمقاربة الخطوة الكبيرة الواحدة.
وكان الإيرانيون قابلوا الاقتراح الأميركي بعقد اتفاق مرحلي مؤقت، بفتور. غير أن كل تلك الإجراءات هي إجراءات قابلة للنقض بعد ذلك. فبوسع إيران أن تعيد فتح فوردو، وأن تعود لتخصيب اليورانيوم إلى 20%، وأن تراكم مرة أخرى كميات كبيرة من اليورانيوم على التخصيب. من هذه الزاوية رفض الأميركيون تخفيف العقوبات أو وقف العمل بها باعتبار أن ذلك يندرج تحت الإجراءات غير القابلة للنقض بعد ذلك ومن ثم لا يمكن مبادلتها بإجراءات قابلة للنقض.
وكانت بعض العقبات ظهرت على درب التحضير لمفاوضات موسكو إذ رفضت وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين آشتون طلبا إيرانيا بعقد اجتماع بين الخبراء الفنيين للجانبين، ولم ترد حتى الآن على طلب آخر لعقد اجتماع على مستوى المستشارين السياسيين.
وليس من الواضح حتى الآن محتويات الورقة التي ستقدمها واشنطن في المفاوضات المقبلة إلا أن المعتقد أنها ستشمل نقاطا تنص على إنهاء عمليات التخصيب والسماح للمراقبين الدوليين بدخول كافة المواقع الإيرانية دون إنذار مسبق، وتوقيع البروتوكولات الإضافية الملحقة باتفاقية حظر الانتشار، وتجنب الاحتفاظ الآن أو مستقبلا بأي يورانيوم مخصب إلى أعلى من 5%.
كما أنه من غير الواضح ما إذا كانت تلك الورقة يمكن أن تؤدي إلى تجنب إعلان فشل المفاوضات برمتها، ومن ثم التمهيد لعمل عسكري أميركي بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة. وكانت احتمالات الفشل تزايدت أول من أمس حين أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن فشلها في التوصل إلى اتفاق يتيح للمفتشين الدوليين تفتيش موقع بارشين الذي يعتقد أن إيران كانت تجري فيه أبحاثا نووية لم تخطر بها الوكالة.
وقال نائب مدير الوكالة الدولية هيرمان ناكيرتس بعد جلسة المفاوضات مع الإيرانيين "لم نتوصل إلى شيء ولم يحدث أي تقدم. فقد أثار الإيرانيون قضايا سبق لنا أن ناقشناها كما أنهم أثاروا قضايا إضافية".