تتطلب تحديات الحياة وصعوباتها وهمومها مواجهتها بالحُلم مع الحِلم، فلا يمكن تجميد الحياة عند حدود نقطة هاربة، نحتاج لشيء من المرونة نمضغه كدواء مرّ مع شَربة ماء. أحيانا يحتاج الواحد منّا أن يعرف أنه كما هذا الماء، نتوهم أنه ثابت لا يتحرك وهو في حراك مستمر لا يهدأ. هذا الإنسان كفرد هو لبنة ضمن منظومة المجتمعات ودولها أمام الآخرين، قوي، لا تبدو عليه علامات التعب والألم والصراع إلا أن ظاهره ليس كما باطنه، إنه مليء بحراك فكري ونفسي وصراع واقع واحتياجات مع رغبات وأحلام. وقد يتوهم بعضنا أننا ثابتون وحين تتقدم السنوات ندرك أن كل خلايا هذا الجسد كانت غير ثابتة وتشيخ دون أن نستعد لها! فما لم نؤمن أننا نتغير فلن نواجه الشيخوخة إلا بالموت! والعجيب أن وزن الإنسان كما يُقال يتكون من 60 % ماء! نحن إذن حتى وإن رغبنا في الجمود، فإننا لن نتجمد رغبنا أو لم نرغب! إلا في فريزر تصل درجة الحرارة فيها إلى تحت الصفر، أيمكن أن يكون ذلك؟ فالكون والجغرافيا والتاريخ والسياسة والاقتصاد وكل شيء كما الماء تماما الذي جعل الله تعالى منه كل شيء حي، لأن الحراك هو الحياة والإنسان أس كل شيء.

حتى الورقة البيضاء داخل كتاب مسطور بكلمات رضينا بها رقابيا أم لا، لابد أن تتحرك رغم جمودها في مكتبة مهجورة، ألا ترى أنها تصفر مع الوقت! هي لم تصفر لأنها ثابتة بل لأنها في حراك زمني اتجه بها من الطفولة إلى شيخوخة الصُفرة.

المدهش أنه في الماء ينكسر الضوء، فلمَ لا نكسر الضوء داخلنا ونحلق باتجاه النور؟ يبدو أن الإنسان حين قرر الخروج من الكهف أبى إلا أن يخترع ما يجعل عينيه في حماية من هذا الضوء! لهذا اخترع النظارة الشمسية فيما يبدو.. طبعا اخترعها من خرج من الكهف لمواجهة لسعة الضوء! أتساءل: أنحن كائنات حية حقا ما دمنا نشرب الماء الذي لا يسكن لحظة! فلماذا كل شيء ساكن في الوطن العربي رغم حراك هذا الإنسان داخله؟! لما لا تدفعنا الحياة للخروج من كهف الظنون ونحلق باتجاه الضوء، لكن أين نحلق!؟

الأفكار نفسها باتت ملكا للآخرين، حتى الابتسامة أحيانا كثيرة أشعر أنها ملك للآخرين وليست لي ولا تتزحزح إلا حين أكون أمام المرآة.. حينها أشعر أنها ملكي!

مهما يكن، فكما الماء.. هي الحياة، لأنه هو الحياة، ولهذا أعتقد أن الشيء الوحيد الثابت هو التحول.. أتتفقون معي!؟