بعد أن ظلت فكرة "مدرسة المستقبل" سنوات عديدة حبيسة الأدراج، ومحل تنظير وشد وجذب بين التربويين وأولياء الأمور حول هويتها وموعد تنفيذها، ومدى نجاحها لإيجاد بيئة محفزة للطلاب والطالبات، نجحت الإدارة العامة للتربية والتعليم في منطقة عسير في تطبيق المشروع ليكون نواة لإدارات التربية والتعليم بالمناطق، بعد أن تفردت بمنهج جديد ومختلف لمشاريع التطوير والتأهيل في المدارس وفق جدول زمني، تهدف من خلالها إلى خلق بيئة جاذبة ومحفزة للطلاب والطالبات، ورفع مستوى نسبة التحصيل الدراسي، وإعداد جيل متعلم يواكب مستجدات العالم في مختلف المجالات، واكبه إشادة مسؤولي وزارة التربية والتعليم وتعميمهم للفكرة الأنموذج على نحو كبير من مشاريعها الحالية والمستقبلية.
خطوات التطوير والتأهيل
منذ آخر يوم لاختبارات الفصل الدراسي الثاني، باشرت إدارة تعليم عسير في استغلال إجازة الصيف لتطوير المزيد من المدارس وفق الرؤية التي تبنتها، وبعد أن استبقت موعد الإجازة بخطط تضمن البدء والتسليم للمشاريع قبل عودة الطلاب إلى مدارسهم.
يقول مدير عام التعليم في المنطقة جلوي آل كركمان "بدأنا أولى خطوات المشروع بتأييد أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد، ودعم وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله وموافقته على المقترحات التي تضمن تحويل المدارس إلى بيئة محفزة للطلاب والطالبات، فبعد أن أنهينا تطوير عدد من المدارس خلال العام الماضي ومنها الابتدائية والمتوسطة والثانوية النموذجية بأبها، ومدرسة تحفيظ القرآن بأبها، إلى جانب مدارس الصديق والفيصل بخميس مشيط، نشرع حاليا في إعادة وتأهيل وتطوير 30 مدرسة للبنين والبنات وفق الرؤية التي تحرص وزارة التربية والتعليم على تفعيلها، وهي إحداث نقلة في كافة المجالات التربوية والتعليمية لتشمل عناصر العملية التعليمية من معلم وطالب وتجهيزات ومقرر دراسي، وتحويل المدارس إلى تحفة معمارية بأسلوب متطور يلبي حاجة منسوبي المدرسة، وتحويل الفصول إلى قاعات تقنية تتوفر بها وسائل الاتصال وأجهزة الحاسب والعرض والسبورة الذكية، وطاولات تساعد على تنويع طرائق التدريس، وربط جميع القاعات بشبكة متكاملة، تمكن الطالب من التواصل مع معلميه من منزله".
تحفيز لمستقبل الأجيال
وأكد آل كركمان أن زيارة وزير التربية ونائبه الدكتور خالد السبتي ونائبته نورة الفايز لمشاريع المدارس بعد تأهيلها في منطقة عسير مؤخرا منح إدارة تعليم عسير التحفيز لمواصلة آلية عملها لخدمة ومستقبل الأجيال، مضيفا: "لجأنا في المدارس التي شملها التطوير وتحت التأهيل حاليا إلى استخدام تقنية البث المباشر في جميع قاعات التعلم ووجود قاعة للحوار والنقاش مزودة بالصوتيات وأجهزة العرض، وقاعة كبرى للحاسب الآلي، وأخرى للموهوبين، وإنشاء مكتبة ومركز للمصادر ببهو المدرسة الداخلي وتزويدها بأجهزة حاسب للتصفح والبحث، ومكان مخصص للطلاب المبدعين في البحث والتأليف".
وزاد آل كركمان: "لم نغفل الجانب الرياضي والترفيهي، إذ جرى إنشاء صالة رياضية مغلقة مزودة بشاشات بعرض، وأجهزة رياضية متنوعة، إضافة إلى ملاعب رياضية لكرة القدم والطائرة والسلة، وحدائق في مداخل المدرسة ومزرعة طلابية ونوافير وممرات جميلة، وإضافة مطعم مزود بالطاولات والمقاعد ومجهز بكل الاحتياجات وتم تشغيله من قبل إحدى المطاعم المؤهلة، كما نعمل حاليا على إنشاء 50 ملعبا ليضاف إلى 50 أخري تم إنشاؤها في العام الماضي".
وأشار إلى أن الدولة رصدت مليار ريال لمشاريع إنشائية، معلنا استلام 12 مدرسة للبنات في قطاع تهامة عسير، بعد أن تم الاستغناء عن جميع المباني المستأجرة، وافتتاح 100 روضة على مستوى المنطقة وتجهيزها بكل احتياجاتها، والتغلب على وعورة التضاريس، مشددا على أن التنمية التعليمية لم تقتصر على المدن بل شملت القرى والهجر التابعة للإدارة دون تمييز ووفقا للأولوية.
رؤية المسؤول الأول
"المدرسة النموذجية اسم على مسمى.." بهذه العبارة خاطب وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله منسوبي وطلاب المتوسطة والثانوية النموذجية بأبها لدى زيارته المدرسة مؤخرا، وأشاد بالجهود التي بذلت لخلق بيئة جاذبة للطلاب، معتبرا ما قامت به إدارة التعليم في منطقة عسير إنجازا كبيرا، ومبشرا بمستقبل أفضل للطلاب، وقال الأمير فيصل بن عبدالله "تجربة تأهيل المدارس في عسير تواكب طموحات القيادة لمشروع تطوير التعليم".
ثروة وتنمية حقيقية
ولفتت نائبة وزير التربية والتعليم نورة الفايز إلى أن الدعم الحكومي والاهتمام الذي ناله قطاع التربية والتعليم من الحكومة الرشيدة حقق الأهداف المنشودة لخدمة الأجيال، وقالت لدى تدشينها أعمال التطوير لمجمع يعرى التعليمي للبنات التابع لمحافظة خميس مشيط قبل عدة أيام، إن ما شاهدته في المدرسة يعد أنموذجا لمدرسة "المستقبل"، بعد أن نجحت إدارة التربية والتعليم في منطقة عسير في تحويلها إلى مدرسة جاذبة تحفز الطالبات من جهة وتواكب التقدم الذي تعيشه المملكة من جهة أخرى.
وأشارت إلى أن الوزارة تدعم كافة الجهود التي تحفز على تربية النشء، مشيرة إلى أن الوزارة تعمل على تحويل العديد من المدارس والمجمعات التعليمية إلى بيئة جاذبة تخلق التنافس بين الطالبات وتوفر لهن كافة الاحتياجات التعليمية والتقنية المتطورة، وأثنت الفايز على مجمع مدارس يعرى للبنات، بقولها "لقد وجدتها مدرسة رائعة متميزة بكل ما تعنيه الكلمة سواء على مستوى البنية التحتية، والشكل العام للمدرسة وتصميم الفصول أو تصميم المكتبة وتوفر الخدمات بكافة أشكالها، فضلا عن وجود مجلس استشاري بالمدرسة، لكن الأجمل من كل ذلك هو الكادر الفني الذي يعمل في هذه المدرسة، ابتداء من المديرة وانتهاء بجميع الإداريات والمشرفات والمعلمات والفئة الثانية هي الطالبات، إن مدرسة يعرى لم تهتم فقط بالمظهر العام للمدرسة وإنما اعتنت بتنمية شخصيات الطالبات، وهذا أحد أهم جوانب العملية التعليمية، حيث إنه من المهم أن نعتني بالبيئة التعليمية، ولكن قبل ذلك العناية بتنمية شخصيات الطالبات".
نموذجية بنين أبها
وفي جولة لـ"الوطن" على النقلة النوعية التي شهدتها المدرسة النموذجية بأبها وما شهدته في كافة المجالات التربوية والتعليمية والبيئة المدرسية، يقول مدير المدرسة عبدالله بن علي العمري، إن البداية كانت بإعادة تأهيل المبنى الذي مر على إنشائه نحو 30 عاما، إذ تم تحويله إلى تحفة معمارية وبأسلوب متطور يلبي حاجة منسوبي المدرسة، تلا ذلك تطوير شامل للفصول الدراسية، حيث جرى تحويلها إلى قاعات تقنية تتوفر بها وسائل الاتصال وأجهزة الحاسب والعرض والسبورة الذكية، وطاولات تساعد على تنويع طرائق التدريس، وتم ربط جميع القاعات بشبكة متكاملة.
وأضاف العمري، أن الطالب يمكنه التواصل مع معلميه من منزله، فضلا عن إمكانية البث المباشر في جميع قاعات التعلم ووجود قاعة للحوار والنقاش مزودة بالصوتيات وأجهزة العرض، وقاعة كبرى للحاسب الآلي، وأخرى للموهوبين، وزود بهو المدرسة الداخلي بمكتبة ومركز للمصادر بشكل هندسي جميل، وفي جنبات البهو أجهزة حاسب للتصفح والبحث، ومكان مخصص للطلاب المبدعين في البحث والتأليف.
ولفت العمري إلى أن التطوير لم يقتصر على الماديات فحسب، بل امتد إلى المعلم حيث نظمت الإدارة العامة للتربية والتعليم في المنطقة برنامجا تدريبيا لجميع المعلمين في التعلم الإلكتروني وستليها برامج مماثلة لتهيئة الطلاب لهذا النوع من التعليم، إضافة إلى وضع خطة تدريبية تمكن منسوبي المدرسة من التعاطي من الإمكانات التي تم توفيرها.
مجمع بنات يعرى
من جهتها ، أكدت مديرة مجمع مدارس بنات يعرى صالحة بنت راشد آل جرمان، أن المدارس الجاذبة التي تعمل وزارة التربية حاليا على دعمها لتكون نواة للتحول نحو العالم الأول أثبتت جدواها في تحسين العملية التعليمية والتربوية، وخلقت بيئة عمل جاذبة للمعلمات والطالبات، من خلال مضاعفة أعداد النابغات والمبدعات والمتفوقات. وأضافت أن ما تحقق للمدرسة من تطوير وتأهيل كان بجهود مدير التربية والتعليم في عسير جلوي آل كركمان، والذي كان يتابع تفاصيل العمل لحظة بلحظة ويرصد بنفسه ميدانيا خارج أوقات العمل كل المستجدات لتحقيق بيئة جاذبة لـ700 طالبة يتبعن للمجمع.
وحول تلقي المجمع مساهمات لتطويره، قالت آل جرمان "لم نتلق دعما من جهات وأفراد وما تحقق كان بدعم من وزارة التربية والتعليم وإشراف ومتابعة من قبل مدير إدارة التربية والتعليم في منطقة عسير، مشيرة إلى أن ما تناقلته بعض المواقع الإلكترونية من تلقي المدرسة لدعم من جهات وأفراد لا يعدو سوى إشاعة لا أساس لها من الصحة وتهدف إلى الإثارة، داعية إلى تحري المعلومات من مصادرها، وإسناد الفضل إلى أهله.
ولفتت إلى أن المجمع يحتوي على قاعات كمبيوتر، قاعة حوار، مكتبة، تحديث وتطوير غرف المعلمين والمعلمات، مطعم للطالبات، صالة متعددة الأغراض، غرف التحكم للكمبيوتر والشبكات، وغيرها من المواصفات التي تراها إدارة التربية والتعليم مجدية وتحقق بيئة جاذبة للطلاب والطالبات، إلى جانب تجهيز قسم تقنية المعلومات بتعليم عسير الفصول بالشبكة السلكية واللاسلكية، والسبورات الذكية من خلال استخدام جهاز عرض بروجكتور مثبت مع جهاز تحويل السبورة العادية إلى سبورة إلكترونية، بالإضافة إلى نظام صوتي داخل الفصل، وإنشاء موقع للمدرسة على الإنترنت يحوي المعلومات عن المدرسة وآخر الأخبار، وإنشاء بريد إلكتروني لكل معلمة وإدارية بحيث يتم التواصل بين المديرة والمعلمات والإداريات إلكترونيا، في حين تم إنشاء قاعة حوار مجهزة بكل التقنيات من حيث نظام الصوت والمنصة الرقمية وغيرها من الأنظمة المتصلة.