ليست لدي خبرة كبيرة في السفر عبر المنافذ البرية، فجسر الملك فهد الذي يصل حدودنا بمملكة البحرين، هو تجربتي الأولى في السفر برا، وقد سافرت في شبابي إلى دولة الكويت، أما تجربتي الثالثة فكانت منذ أيام عبر منفذ "سلوى" الذي نقلني وأسرتي في زيارتنا الأولى إلى دولة قطر، وعن هذه التجربة سأتحدث وسأنقل لكم ما شاهدناه بكل التفاصيل المحزنة، بل بكل جزئياتها الرديئة.. ولن أزين كهلا أكل الدهر عليه وشرب.

لقد خرجنا فجر الأحد الماضي في زيارة ليومين إلى قطر، وما إن وصلنا إلى منفذ "سلوى" الحدودي، حتى شعرنا جميعا بكم هائل من القهر، فالوضع العام لهذا المنفذ لا يمت لاسمه بصلة، لا من قريب ولا من بعيد، ولا يليق بدولة بقيمة المملكة العربية السعودية، إقليميا وإسلاميا وعربيا بل ودوليا، فمنشآته ومرافقه بدت ككهل نزع ثيابه، أما أرضيته فمتهالكة، والغرف المخصصة للموظفين أشبه بخزانات مياه تالفة، وقد حمدنا الله سبحانه؛ لأننا وجدنا المنفذ فارغا من السيارات المغادرة، ولكن ما إن عبرناه وقبل الوصول إلى منفذ "أبو سمرة" القطري حتى أقبلت باتجاه السعودية سيارات شحن فارغة من أي محتوى، فأدركت عندها أن منفذ سلوى -على الأغلب- منفذ تجاري في المقام الأول.

ولن أكون مبالغة لو قلت إننا لم نسكت عن انتقاد القائمين على منفذ "سلوى"، فحتى لو افترضنا أن خططا اعتمدت لتعديل الوضع خلال السنوات المقبلة، فتركه على حالته هذه إلى حين أمر مرفوض، ونحن لا نطلب أن يتحول المنفذ إلى تحفة فنية، كما أن النظافة والأناقة لن تكلفنا كثيرا، فعلى الأقل لنحسن من حالة المرافق العامة، ولنوفر الخدمات التي يحتاجها المسافر، لنصبغ الجدران المتشققة، ولنجدد الأرصفة، وليتنا نسفلت الشوارع ونغير الصناديق الحاملة لرجال الجوازات، والتي لا تصلح للاستهلاك البشري، ولعلنا نزرع قليلا.. قليلا من النباتات.

ولكن حالتنا تلك ازدادت سواء ما إن ظهرت أمامنا ملامح منفذ "أبو سمرة" القطري، عندها تمنيت لو أن منفذ "سلوى" بكافة منشآته يحول للمبدع رئيس بلدية الأحساء المهندس "فهد الجبير"، فهو جدير بحول الله، قادر على حمل الأمانة وأدائها على أكمل وجه، ولمن لديه أي شك.. عليه التوجه إلى الأحساء العزيزة ليقف على وضعها المبهج بنفسه.

وقد يقال: إنه من الظلم بمكان عقد مقارنة بين منفذ "سلوى" وهو واحد من 15 منفذا بريا سعوديا، وبين منفذ "أبو سمرة" المنفذ البري الوحيد في دولة قطر. لهذا القائل أرد بقولي: كثرة المنافذ لا تعفينا من الحرص على ممتلكاتنا العامة، وصيانتها صيانة دورية تحفظها من التلف، وبما أنه من رأى ليس كمن سمع، أقول: إن هذا المنفذ يفتقد أي نوع من أنواع الصيانة، ولم أجد فيه ما يستحق الإشادة سوى الإنسان السعودي العامل به ـ يحفظه الله ويرعاه ـ فقد تعامل معنا برقي وسارع في إنهاء إجراءات الجوازات والجمارك، وإن كنت لا أعلم أفعل ذلك تنفيذا لمتطلبات عمله، أم خجلا من استقبالنا في ذاك الجو المكفهر؟!.

لقد تذكرت وصية الوالد ـ رحمه الله ـ وأسكنه فسيح جناته، فقد كان يؤكد على ضرورة حرصي على مظهري العام في اللقاء الأول الذي يجمعني بأحد ما، قائلا إن اللقاء الأول يعلق في الذاكرة، وهو المحدد الأساسي لقيمتي واحترامي لنفسي، كان يؤكد على أن عنايتي بمظهري العام وبطريقة ضيافتي جزء أساسي من احترامي لأسرتي، ولمن يقف أمامي، ومن هنا أؤكد أن المنافذ الوطنية والخدمات التي نوفرها، تدل يقينا على تقدمنا وعلى مستوى رقينا. ولذا وجب علينا الاهتمام بها كاهتمامنا بمجالسنا ومداخل بيوتنا الرئيسة، ومن هنا أستفسر من القائم على منفذ "سلوى": هل طلب زيادة المخصصات المتعلقة بالصيانة؟، وإلى أين انتهت المطالبة؟، وأذكره أن كاميرا جوال لشاب قادرة على نقل الصورة السيئة للمنفذ، كاميرا جوال قادرة على عقد مقارنة موضوعية بين مستوى المنشآت عالية الجودة في منفذ "أبو سمرة" القطري والوضع المأساوي لمنفذ "سلوى" السعودي، هذه المقارنة مع الأسف لن تكون بحال من الأحوال في صالحنا.

ومن ناحية أخرى، في طريق العودة من منفذ "سلوى" إلى "الدمام " وقبل الغروب أصاب إحدى عجلات السيارة عطب، ولن أخبركم الحرج الذي أصابنا في وسط طريق صحراوي يكاد يكون خاليا من أي مرافق عامة صالحة للاستخدام، ومن أي إعلانات استرشادية يستعين بها المسافر وقت الحاجة.. والحمد الله على سلامة وصولنا سالمين.

وأخيرا، أطالب معالي الأستاذ صالح بن منيع الخليوي، مدير عام الجمارك بزيارات ميدانية لشتى المنافذ وعلى اختلاقها، وألا يكتفي بما يعرض عليه من تقارير، وليت زياراته تكون استباقية، حتى لا يحاول أحدهم إصلاح ما أفسده الإهمال لسنوات.